طرح رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون تحدَّيا كبيرا على نفسه وعلى انصاره وعلى حلفائه وعلى خصومه، من خلال طرح النزول الى الشارع بعد جلسة مجلس الوزراء احتجاجاً على عدم إدراج بند التعيينات كبند أول على جدول أعمال مجلس الوزراء، وما يريده عون من هذا البند تعيين صهره العميد شامل روكز قائدا للجيش.
ولأن هذا الأمر قد لا يتوافر فإن الجنرال عون يريد أن يختبر الشارع أو بالأحرى ان يختبر قوته في الشارع.
أين يمكن ان يتحرك؟ يحاول العماد عون ان يعتمد عنصر المفاجأة والمباغتة، منطلقاً في ذلك من خلفيته العسكرية، لكن هذا العامل لا ينفع هذه الأيام للأسباب التالية:
لا يمكن اخفاء تحرُّك في العاصمة وفي نقاط حساسة كمحيط السرايا الحكومية أو مدخل مطار بيروت أو أمكنة أو مقرات أخرى.
ان استخدام الشارع سيفٌ ذو حدَّين، فقد ينزل في مواجهة المتظاهرين أنصار للحكومة، وعندها، وتلافيا لوقوع مواجهات، فإنه سيطلب من الجميع الخروج من الشارع خشية من دخول مندسين قد يؤدي تدخلهم غير البريء الى ما لا تحمد عقباه. ان استخدام الشارع في لبنان لا يحقق مطلبا، لا سياسيا ولا معيشيا ولا تربويا:
العماد عون اختبر الشارع على ايام قصر الشعب منذ ربع قرن، فماذا كانت النتيجة؟
حلفاء العماد عون اختبروا الشارع وحاصروا السرايا أحد عشر شهرا على أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، فماذا كانت النتيجة؟
هيئة التنسيق النقابية اختبرت الشارع فماذا كانت النتيجة؟
حرصاً وتأكيداً على حقوق المسيحيين العماد ميشال عون يعرف هذه الحقائق اكثر من غيره، ان الخميس المقبل لناظره قريب: مجلس الوزراء سيكون مجتمعاً في السرايا الحكومية، فماذا سيفعل العماد عون؟ لن يمنع الوزراء من الوصول، والا فكيف سيصل وزيرا التيار باسيل وبوصعب الى الجلسة؟ واذا كان الأمر غير ذلك بمعنى ان يقتصر على النزول الى الشارع لتسجيل موقف، فماذا ستكون قيمته السياسية؟ وما هي مفاعيله الحقيقية؟
ان العماد عون أدخل نفسه في تحدٍّ كبير، فهو اذا نجح في تعطيل الحكومة ومجلس الوزراء يكون البلد قد بدأ يمشي في اتجاه المؤتمر التأسيسي ويكون الفضل في ذلك للعماد عون نفسه الذي يرفض المؤتمر التأسيسي. واذا فشل في تعطيل الحكومة ومجلس الوزراء يكون قد استخدم الورقة وحتما له خطة او خطط اخرى للتحرك.
لقد تبين في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء ان هناك توافقا ضمنيا غير معلن بين وزراء المستقبل والنائب جنبلاط ووزيري الكتائب ووزراء الرئيس بري، فكيف سيستطيع المواجهة في هذه الحال؟ وكيف سيطرح بند تعيين صهره قائدا للجيش؟
العماد عون حريص على حقوق المسيحيين بالتأكيد، ولكن كيف ستؤول الاوضاع ما علينا سوى الانتظار.