العالم نام على توقعات عدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنه استيقظ على خروجها منه.
والنتائج مذهلة وغير محسوبة.
لم يعد انسان وحده يرسم صورة العالم الذي يريد.
انه عصر التنوّع.
وبداية التغيير، في عالم محنّط بالجمود.
وهذا ليس تعبيراً دولياً، ولا رجوعا الى الوراء.
انه عالم جديد، هو أقرب الى الثورة منه الى الجمود.
طبعاً، ليس خروج بريطانيا من أوروبا نهاية العالم.
لكنه بداية تحوّل، ولو كان ضئيلاً.
وهذا ليس غريباً على لبنان، ذلك ان الانتخابات البلدية الأخيرة مهّدت لهذا التغيير.
والمناصفة لولا الجهود التي مارسها الرئيس سعد الحريري، لما صمدت وتكرّست سياسياً ودستورياً.
ولولا الفوز الكبيرالذي حققه المرشحون المؤيدون من الوزير المستقيل أشرف ريفي، لما نالت عاصمة الشمال سبق الفوز في الانتخابات البلدية.
لا أحد ينكر وجود عصب سياسي، لا العصبية في المعارك الانتخابية، إلاّ ان أسبوع اللجان النيابية كرّس ولادة التغيير، ولو بهدوء وسلاسة.
ذلك، ان الناخب أراد، سواء في بيروت أو طرابلس، ان يؤكد انه ناخب جديد لا قديم!!
***
وهذا، إن دلّ على شيء، فيدل على أن لبنان بدأ يتغير.
والتغيير الهادئ وحده هو المرتجى والمطلوب، والا تحوّل التغيير الى مجرد بازار سياسي لا عملية سياسية.
كان الرئيس رفيق الحريري يواجه التغيير، من منطلق التجديد في الحياة السياسية.
وكان يدرك ابعاد صراعه مع النظام السوري برئاسة الرئيس حافظ الأسد، لكنه كان يتكئ على أصدقاء كبار له الى جانبه، وفي مقدمتهم نائب الرئيس عبد الحليم خدام، الا انه عرف ان عدوه السياسي لدى النظام السوري هو غازي كنعان.
وعندما انكشفت اللعبة، بدأت شجرة النظام السوري تتساقط، وغاب بعد رحيله الاقوياء وبقي قوي واحد هو نجله الدكتور بشار الاسد.
وهكذا، ومنذ خمس سنوات، بدأ الهريان السياسي يتسرب الى النظام، وغابت بالوفاة أو بالاقامة الخارجية والانتحار وجوه، وبقيت وجوه.
***
لماذا تبقى السياسة في سوريا عامة، وفي لبنان خصوصاً، حبيسة النزعة الفردية؟
ربما، لو لم تكن كذلك، لما عرف العالم الدور الذي يمثله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته لافروف، ولما قام باراك اوباما بزيارة غير مسبوقة الى الرئيس الكوبي كاسترو.
إنه عالم يتغير!