Site icon IMLebanon

صدَّعْتَ رؤوسنا بـ«التهويل» يا سيّد حسن!!

»إذا قالت حُذامٌ صدِّقوها فإنَ القولَ ما قالتْ حُذامُ» [لُجيْم بن مُصْعَب]، لا يُقرأ خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله يوم الأحد الماضي، والتهديدات غير المسبوقة التي أطلقها بحقّ اللبنانيين وعرسال وإظهاره اللامبالاة بالدماء التي ستُراق وكأننا على عتبة ما هو «أدهى وأمرّ» من 7 أيار 2008، لا يُقرأ هذا الخطاب إلا على ضوء إلا على إيقاع تصريح أعلن ستيف وارن، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بأنّ «رمز عملية الرمادي الطائفي لا يساعد على إنجاحها» وهو شعار «لبيّك يا حسين»، والأنباء التي تردّدت عن مئة صاروخ سكود أرسلتها إيران إلى ميليشياتها  لتدمير الرمادي، ووسط الحديث عن حمام دم ينتظر «الأنبار» وغضب قاسم سليماني على أميركا لتقاعسها في تغطية قواته جويّاً، فما بين مطوّلات نصرالله في التمهيد والتقديم والتذكير والتخميس والتسديس «صُدّعت رؤوسنا» ونحن نسمع لخطاب تخويفي «بُعْبُعيّ» بالذبح الداعشي، في معادلات يضع نصرالله فيها «ديْنة الجرّة» حيث يُريد، فـ«داعش ـ فتح الإسلام» 2007 خطّ أحمر، و»داعش ـ إيران» 2015، تهديد بتدمير عرسال، «بصراحة.. ضاق خلقنا» من هذه العنتريّات التي حفظها الشعب اللبناني عن ظهر قلب، لكأنّها كما قال الشاعر: «يا بائعـاً هـذا ببَخْـسٍ معجَّـلٍ/ كأنّـك لا تـدري ولا أنتَ تعـلـمُ/ فإن كنتَ لا تدري فتلكَ مصيبةٌ/ وإنْ كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ» [من قصيدة طويلة للإمام إبن قَيِّم الجوزيّة!!

»الذّبح ماشي حتى هذه اللحظة، أنا أخطب معكم، وماشي»، تاريخيّاً هذا «الذّبح» عرفته كلّ حروب العالم منذ القدم، مع فارق واحد هو أننا بتنا نشاهد «الذّبح» على الهواء مباشرة، وحزب الله كان سبّاقاً في ذبح الشعب السوريّ إمعاناً في تدمير ثورته، والنظام القاتل الذي يدافع عنه حزب الله وهو «مربّي داعش ومطلقها في العراق منذ العام»2003، ومخرج «الإرهابيين» الذين «ربّاهم» في سجونه من شاكر العبسي وفتح الإسلام إلى خليفة داعش وأبو مصعب الزرقاوي، واستوقفني في خطاب نصرالله وبعد سردٍ ـ بحسب الأجندة الإيرانية لوقائع المنطقة ـ قوله: «حسناً، بناءً على هذا التشخيص»، «والله تشخيص» ـ كما كانوا يطلقون قديماً على مهنة التمثيل ـ أو لكأنّه «الطبيب الموصوف» لكلّ حروب العالم قبل المنطقة، مع أنّه يأخذ لبنان ـ وهو يعلم علم اليقين ـ إلى مرحلة يصبح حالنا فيها كحال القائل: «مات المُداوي والمُداوى والذي جلب الدواء وباعه ومن اشترى» [الإمام محمّد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه]!!

حزب الله مصرّ على توريط لبنان وجيشه وشعبه، ويريد أن يقنعنا أنّ ما يدعو إليه هو «معركة لبنان»ـ «خيّو لو بتحلّوا عن لبنان شويْ، روحوا عالرمادي مثلاً» ـ لكأنّ حالنا ما وصفه الشاعر: «الناس في غفلة عما يراد بهم كأنهم غنم في حوش جزَّارِ»، فأمين عام حزب الله مصر على تدمير عرسال، وكما في الرمادي سنسمع شعاراً واحداً: «لبيك يا حسين»، والآن المطلوب أن نسمع صوت الدولة بعد قول نصرالله: «إذا كانت الدولة لا تريد أن تتحمل المسؤولية، أنا اليوم  في 24 أيار 2015 مثل ما تكلمت في 25 أيار قبل سنتين يمكن أو اكثر بمشغرة عن موضوع القصير، والآن نحن في جرود القلمون، إن أهلنا في البقاع وأهلنا في بعلبك الهرمل، دعوني أكون واضحاً، وقولوا ما شئتم واتهموا كما تشاؤون وسموا كما تشاؤون ووصّفوا كما تريدون، إن أهلنا في بعلبك الهرمل الشرفاء، إن عشائرهم وعائلاتهم وقواهم السياسية وكل فرد فيهم، لن يقبلوا ببقاء إرهابي واحد ولا تكفيري واحد في أي جرد من جرود عرسال أو البقاع»، وحال الدولة فيما يتربصون به لعرسال وأهلها، لا يختلف كثيراً عن حال حزب الله ونواياه: «لقد أسمعـت إذ ناديت حيّاً/ ولكن لا حياة لمن تنادي/ ولو في النار تنفخ لاستنارت/ ولكن أنت تنفخ في رماد» [عمرو بن معد يكرب]!!

خطابٌ لا يُقرأ ، لا يُسمع، فقد بلغ حزب الله مرحلة «يا قاتل يا مقتول»، وأمين عام الحزب حسن نصرالله «رجل لا يُحاور»، فقد بلغنا معه مرحلة: «أقول له زيداً، فيسمعُ خالداً ويكتبهُ عمْراً، ويقرأه سـعداً»… خوّفنا أمين عام حزب الله بعشرات آلاف لا يحتاج معها للتعبئة العامّة، ولكن ضد من؟ ضدّ عرسال؟ أم ضدّ لبنان؟ «أيرجى بالجراد صلاح أمرٍ/ وقد جُبِلَ الجراد على الفساد» [ابن البسام البغدادي]، يا سيد حسن، بلغ حال اللبنانيين فيكم، حال قول المتنبّي: «ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ»!!