مرة جديدة يؤكد السفراء الأوروبيون لوزير الداخلية أهمية اجراء الانتخابات بموعدها، او مؤجلة لفترة محدودة جدا تراعي المتطلبات اللوجستية في حال إقرار قانون جديد، وذلك تأكيدا على قدرة لبنان على ممارسة ديمقراطيته «الفريدة» وتثبيتا لدور الدولة وقدرة مؤسساتها على الاستمرار والتجدد ضمن سقف القانون. الا ان توصيات المجتمع الدولي لا تكفي لإخراج قانون الانتخابات من أزمته، والتي تلوح انها مرشحة للاستمرار اذا ما تمسك كل فريق بمواقفه…الى ان تأتي التنازلات المعهودة إنقاذا للوطن واستقراره وأمنه، خاصة في ظل الأزمة الأميركية-الإيرانية المستجدة وبالوتيرة المتصاعدة، فالأهم من النصح الغربي هو الإرادة المحلية للتوافق على قانون المكيال الواحد، ووضع حد لمنظومة التمديد المقيتة وسياسات التهديد العقيمة. ومع عودة النقاش البيزنطي الى نقطة الصفر مع انعطافة حزب الله وتمسكه بالنسبية بشكل مطلق، تتخوف أوساط مراقبة من ابقاء الأبواب مسدودة امام الانفراجات حتى اللحظة الاخيرة ليتم فرض الامر الواقع، كما جرت العادة في سائر الملفات، فإما الرضوخ او الفراغ وما يعني من كارثة وطنية على مختلف الاصعدة، الاقتصادية أولها والأمنية أهمها. فالانفتاح العربي والرسائل الإيجابية السعودية لن يتم قطف ثمارها اذا لم تفلح الارضية الداخلية لها على أسس سليمة تكرس الاستقرار الأمني والنهوض الاقتصادي في اعلى سلم الاولويات، بدءا من الاستفادة من المناخات الدولية التي حيدت لبنان عن الحرب السورية وتؤكد قدرة الوطن الصغير على الانفلات من الصراع الأميركي -الإيراني القادم اذا ما استثمر انطلاقة العهد سريعا ونجح في إجراء الانتخابات النيابية، وبالتالي أعاد الدولة على الخارطة الدولية وفتح أبواب المساعدات لمواجهة أزمة النازحين الخانقة التي تستنزف اقتصاد الوطن الصغير وبناه التحتية وموارده الاجتماعية.
ان الإسراع باقرار الموازنة واجراء الانتخابات يخرج لبنان من دائرة الدول الفاشلة، فهل تنجح الطبقة السياسية في هذا التحدي؟ وهل يستعيد حزب الله الغطاء المحلي والالتفاف الشعبي حوله اذا ما لعب دوره الوسيط مع حلفائه لتسهيل الانتخابات، وبالتالي يخرج هو من مظلة الحركات الإرهابية التي تحاول إدارة ترامب إلصاقها به مع الحرس الثوري والاخوان المسلمين؟