تزداد قضية مناقصة المعاينة الميكانيكية تعقيداً. مر خمسون يوماً على طلب مجلس شورى الدولة وقف تنفيذ نتيجة المناقصة التي أفضت إلى فوز تحالف «أس جي أس» بعقد استحداث 13 مركزاً جديداً للميكانيك وإعادة ترميم المراكز الحالية وتشغيلها (30 آب 2016). حتى الآن لم يصدر عن المجلس أي قرار يتعلق بأساس الدعوى، أي بإبطال نتيجة المناقصة، أو بشأن طلب هيئة إدارة السير الرجوع عن قرار وقف التنفيذ ورد الاستدعاء في الأساس لعدم قانونيته (31 آب 2016). علماً أن الشركة المستدعية، أي شركة «أبلوس»، عادت وقدمت لائحة جوابية رأت فيها أن «القرار المطعون فيه لم يكن مبنياً على واقعة جديدة تبرر الرجوع عن الحكم الإعدادي» (16 أيلول 2016).
منذ ذلك الحين، لم يطرأ أي جديد على مسار الدعوى. فبسبب العطلة القضائية، لم تشأ أي من الهيئات المناوبة الخوض في الدعوى بسبب ضيق الوقت أو بسبب كثافة الدعاوى، ولا سيما تلك التي برزت بعد الانتخابات البلدية، قبل أن يتقرر تحويل القضية إلى مجلس القضايا وهو أعلى سلطة في المجلس (مؤلفة من رؤساء الغرف وثلاثة مستشارين، برئاسة رئيس المجلس القاضي شكري صادر). وفيما كان من المفترض أن يكون مجموع أعضاء المجلس 9 أعضاء (6 رؤساء غرف و3 مستشارين)، فإن العدد سيقتصر على 7 أعضاء لأن اثنين من رؤساء الغرف معيّنان بالتكليف، فلا تحق لهما المشاركة في مجلس القضايا.
وبدا واضحاً أن حجم القضية وتحوّلها إلى قضية رأي عام، بسبب ما رافقها من إشكالات واعتراضات أو ما تبعها من تحركات في الشارع، جعل من الصعب على رئيس غرفة أن يتحمل منفرداً تبعات أي قرار سيأخذه، فكان الخيار بتسليم المهمة إلى أعلى هيئة في المجلس.
ويكشف رئيس المجلس القاضي شكري صادر لـ «السفير» أن الاجتماع الأول سيعقد بعد غد الخميس، حيث يعكف أعضاء مجلس القضايا على المذاكرة في طلب الهيئة إلغاء قرار وقف التنفيذ، مرجحاً أن يصدر القرار في نهاية الجلسة نفسها، إذ لم يسبق أن تأخر المجلس في بتّ قضايا وقف تنفيذ (علماً أن ملف الدعوى كان قد وزع على أعضاء المجلس يوم الثلاثاء الماضي).
وبذلك، يكون صادر قد حسم النقاش الذي كان دائراً بشأن إمكان ذهاب المجلس مباشرة إلى مناقشة أساس القضية، أي طلب إلغاء نتيجة المناقصة. لكن ذلك لا يلغي احتمال أن يقرر المجلس في جلسة الخميس ضم وقف التنفيذ إلى الملف الأساس، مع ترجيح السير في القضايا المطروحة خطوة خطوة، بحيث يعلن قراره بشأن طلب هيئة السير إلغاء قرار وقف التنفيذ سلباً أو إيجاباً ثم يكمل العمل في أساس الدعوى. علماً أن القضية الأساس مرتبطة بمهل طويلة (4 أشهر لترد الدولة على المدّعي وشهران لجواب المدّعي فشهران للدولة).
مع ذلك تبدو مصادر المستدعي واثقة من أن المجلس لن يلغي قراره وقف التنفيذ، لأن اللائحة الجوابية لهيئة إدارة السير جاءت مطابقة لجواب سابق، ما يعني أنها لم تحمل أي جديد يمكن أن يسهم في تغيير قناعة مجلس الشورى التي جاء فيها أن المراجعة المقدمة (طلب وقف التنفيذ) «ترتكز إلى أسباب جدية مهمة» وأن «شروط وقف التنفيذ متحققة في الحالة الحاضرة، ما يستوجب وقف تنفيذ القرار المطعون به».
وفيما تفضل مصادر «هيئة إدارة السير» عدم التعليق على المسار القضائي للدعوى، مؤكدة أنها تلتزم بكل ما يصدر عن القضاء، ومهما يكن قرار المجلس في موضوع وقف التنفيذ، فإن تحرك قطاع النقل البري فرض أمراً واقعاً جديداً سيؤدي، إذا ما استمر، إلى إيقاف عمل مراكز الميكانيك الحالية وربما عرقلة أي عمل جديد. فقد أعلنت اتحادات ونقابات النقل البري «الاستمرار في الاعتصام يومياً أمام مراكز الميكانيك حتى يصدر قرار عن مجلس الوزراء بإلغاء صفقة المعاينة لكونها تتعارض مع الدستور والقوانين النافذة وإعادتها إلى كنف الدولة».