IMLebanon

انتهت مرحلة الانفتاح بين عون والحريري

«فرضيات» الرابية تسقط.. في بيت الوسط

انتهت مرحلة الانفتاح بين عون والحريري

تخوض القوى السياسية في لبنان معاركها وكأن لبنان ينعم بوضع طبيعي جداً، والاستقرار غير مهدّد والبحبوحة الاقتصادية تعمّ الجميع، ولا مئات الآلاف من النازحين المنتشرين في كل زاوية من زوايا الوطن.

يدخل في هذا المضمار الحراك الذي باشره رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون تحت عناوين وشعارات ربما لا تستوجب كل هذا التجييش والتحشيد، وبالتالي النزول من أولوية إدارة وفاق سياسي لانتخاب رئيس جمهورية الى فتح جبهات سياسية حول التعيينات في المواقع الأمنية والعسكرية، بما يسحب التعطيل على كامل مؤسسات الدولة اللبنانية.

فالحملة الشرسة التي يشنّها العماد عون على قائد الجيش العماد جان قهوجي لتعيين خلف له في قيادة الجيش اعتراضاً على التمديد الثاني له المتوقع حصوله قبل أيلول المقبل، تركت استغراباً في بعض الأوساط وإحراجاً في أوساط أخرى، بينما اعتبر آخرون من السياسيين أن عون يخوض هذه المعركة باعتبارها آخر حروبه السياسية التي يفترض أن يحصد بنتيجتها كل ما زرعه سياسياً على مدى سنوات. خصوصاً أن التمديد الأول للعماد قهوجي في قيادة الجيش جاء من قبل وزير الدفاع الوطني فايز غصن المنتمي إلى «تكتل التغيير والإصلاح»، وهذا ما يدفع إلى السؤال عن سبب تحميل قهوجي مسؤولية التمديد وشنّ الهجوم عليه، وإن كان ذلك في مصلحة الأمن والاستقرار في البلاد، علماً أن قهوجي لم يظهر منذ توليه قيادة الجيش حتى الآن أي خصومة للعماد عون ولتياره ولم يمارس أي كيدية معه.

برأي مرجع سياسي أنه لو كان العماد عون فعلاً يرغب في تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، او تعيين غيره، او لو كان يرغب فعلاً في إبعاد العماد قهوجي من سباق رئاسة الجمهورية عبر منع التمديد الثاني له، لماذا عندما كان يجري البحث في تأليف الحكومة الحالية لم يُصرّ على أن تكون وزارة الدفاع من حصة كتلته وليس وزارة الخارجية، ولكان عون أمسك بقرار التمديد أو عدمه في قيادة الجيش؟

ولأنه «لا يمكن تغيير سرج الحصان وأنت في عزّ السباق»، وفق المثل الشعـبي، ولأن موقعي رئاسة الجمـهورية وقـيادة الجيش قرارهما وطني شامل، بما يتوافق مع اعتبارات إقليمية ودولية تتصل بمدى استعداد الأشقاء والأصدقاء للدعم والمساعدة سياسياً وعسكرياً، «فإن على العماد عون أن يوقف إحراج نفسه كما حلفائه بمعارك سياسية خاسرة»، وفق ما يقول المرجع السياسي نفسه.

في تقييم المسار الذي اعتمده العماد عون بهدف الوصول إلى رئاسة الجمهورية، يقدّم المرجع السياسي مراجعة تتضمن الفرضيات التي بنى العماد عون آماله عليها، لجهة انفتاحه على الرئيس سعد الحريري. يعتبر أن هذه الفرضيات قد سقطت في بيت الوسط قبل أن تنمو لها جذور.. ليس بسبب ما يسمّيه عون تراجع الحريري عن التزاماته التي قطعها له، بل لأن عون لم يحسن إدارة تفاهمه وبالتالي تصالحه مع الحريري.

في العام 2011، عند استقالة الثلث الضامن من الحكومة التي يرأسها الحريري، أطلق عون عبارته الشهيرة «one way ticket»، ثم طلب من النائب ابراهيم كنعان إعداد كتاب «الإبراء المستحيل» الذي ينتقد فيه السياسة المالية لتيار «المستقبل» في السنوات السابقة محمّلاً إياه مسؤولية الدين العام في لبنان.. وبعد سنتين يذهب للقاء الحريري في روما ويعتبر أن هذا اللقاء محا كل شيء وفتح صفحة جديدة مع الحريري، ثم يعلن أن على الحريري أن يلتزم بما اتفقا عليه، وكأنهما يختصران البلد بقواه السياسية. ومن ثم يذهب عون للقاء الحريري في بيت الوسط ويتباحث معه في موضوعَي تعيين المدير العام لقوى الأمن الداخلي وقائد الجيش ويعتبر أن ما تمّ التباحث به بينهما بمثابة اتفاق ملزم على باقي الأطراف تنفيذه، وكأن البلد أيضاً وأيضاً مقتصرة عليه وعلى الحريري ولا يملك الآخرون سوى السير خلفهما إذا اتفقا على أمر ما.

لذلك، يرى المرجع نفسه أن على العماد عون «أن يتحضّر للتمديد الثاني للعماد قهوجي وينظر بموضوعية إلى مسألة رئاسة الجمهورية التي سقطت حظوظه فيها الى غير رجعة لسببين اساسيين: عمر العماد عون، وشخصية عون المنفّرة وغير المقبولة من معظم المكوّنات السياسية في الداخل. وتأكيداً لذلك ما يجري داخل التيار الوطني الحر الذي يشهد حركة احتجاجات كبيرة تضمّ شريحة واسعة من النواب والقيادات الشعبية والمناطقية والطالبية للتيار ضد استئثار عون بالقرار وتجييره لصهره جبران باسيل».