خطة جهنمية كان بدأ تنفيذها منذ أواخر الأسبوع الماضي، عند تسريب فيديو التعذيب، فالإستهدافات شاءت أن تطال:
وزير الداخلية وجعله يصطدم بوزير العدل، وهما من التيار السياسي نفسه، تيار المستقبل، كما شاءت أن تطال شعبة المعلومات ثم الحكومة… وكلُّ ذلك يعني أنَّ الرئيس سعد الحريري نفسه هو المستهدف.
فالفيديو المسرَّب كانت ستتبعه فيديوهات أُخرى، وفعلاً بدأ التسريب على مواقع التواصل الإجتماعي حيث وُضِعَت على يوتيوب وبدأ تداولها عبر تويتر وواتس آب، لكن مسارعة وزيري تيار المستقبل، نهاد المشنوق وأشرف ريفي، إلى اللقاء، سحب صاعق التفجير.
ثم إنه ما إن تمَّ تسريب الفيديو حتى بدأ الإستهداف يطال شعبة المعلومات والمطالبة بمعاقبتها.
***
إذاً، المخطَّطٌ بدأ بتوجيه أصابع الإتهام إلى عناصر، ثم يصعد تدريجاً إلى المسؤولين الكبار، ثم يتمُّ توجيه إتهام سياسي، ليصل في نهاية المطاف إلى تيار المستقبل وتحديداً إلى زعيمه سعد الحريري، لوضعه في مواجهة مع المتطرفين والتكفيريين في لحظة سياسية محلية وخارجية بالغة الخطورة والتعقيد.
ولكن هل نجحت الخطة؟
تدارك انفجار القنبلة، وسحب صاعق التفجير، ادَّيا إلى إحباط المخطط الجهنمي، وقد تمَّ ترتيب الأمر من خلال تتبُّع آلية التهدئة التالية:
الرئيس سعد الحريري يتصل بكلٍّ من وزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير العدل أشرف ريفي.
مدير مكتب الرئيس الحريري، نادر الحريري يزور الوزير نهاد المشنوق في مكتبه.
الوزير ريفي يزور الداخلية ويلتقي الوزير المشنوق.
التأكيد على أنَّ شعبة المعلومات خطٌّ أحمر لِما لها من دورٍ مُشرِّف في تعقب الجريمة والإرهاب، وربما بسبب هذا الدور المُشرِّف تجري محاربتها.
***
بالتزامن مع إنتفاضة فيديو الفضيحة، كانت هناك محاولة لانتفاضة ثانية ولكن هذه المرة يقوم بها بعض تجار المخدِّرات في السجن، هؤلاء حاولوا الإفادة من الجو الذي ساد فقاموا ببعض أعمال الشغب لتحقيق بعض المطالب، لكن الغطاء السياسي توافر وتمَّ وضع حد لهذه الإنتفاضة، ويُروى أن وزير الداخلية، وفور تبلُّغه ما يجري في سجن روميه ومَن يقف وراءه، إتَّصل بالرئيس نبيه بري وقال له بطريقةٍ لا تخلو من المُزاح:
يبدو ان اليوم هو دور الشيعة. فَهِم الرئيس بري بحنكته المتواصلة، فأجاب بسرعة:
معالي الوزير، طبق القانون على الجميع ومن دون إستثناء، وأنا إلى جانبك، وهكذا كان.
***
تبقى كلمة أخيرة لا بدَّ من قولها، إنَّ قضية السجون لا يمكن البدء بحلِّها إلا بتسريع التحقيقات والمحاكمات، فمن دون ذلك ستبقى قنبلة موقوتة سواء كانت هناك شرائط فيديو أو لم تكن:
سرِّعوا المحاكمات، أصدروا الأَحكام، فيبقى مسجوناً مَن يبقى مسجوناً لتنفيذ حكمه، ويُطلَق مَن يُطلَق إذا أَنهى فترة محكوميته.