نادراً ما يُجمِع اللبنانيون على قضية، دائماً هناك تباينات في مواقفهم من موضوعٍ معيَّن، وإذا أجمعوا على قضيةٍ ما، فهذا يعني أنَّ الموضوع يستحق التوقف عنده.
من القضايا التي أجمع عليها اللبنانيون في الفترة الأخيرة، الهبوب كلمة واحدة وصوتاً واحداً للتعبير عن الإمتنان لدولة الكويت لِما قدَّمته وتقدمه للبنان من دون حساب ومن دون منَّة.
وأميرها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مثالٌ ساطعٌ على حبِّ لبنان وعلى ديمومة العطاء له. ليس كثيراً على الكويت أنْ يهبَّ رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة لاستنكار ما تعرَّضت له دولة الكويت من كلام أقل ما يُقال فيه إنَّه مجافٍ للحقيقة وإنَّه مدان ومستنكَر بكل المقاييس.
امتنان لبنان لدولة الكويت ليس كلاماً شاعرياً، بل هو جزءٌ من رد المعروف لهذا البلد الكبير بحكّامه وشعبه، ولا سيما عاطفتهم تجاه اللبنانيين، ليس من اليوم، بل من منتصف القرن الماضي، واستمرت هذه العلاقة من دون انقطاع، ولم تتأثر لا بالحروب ولا بالإضطرابات، بل كانت الكويت الدولة الأقرب إلى لبنان سواء في الحرب أو في السِلم.
مَن لا يتذكَّر ترؤس الكويت للجنة السداسية العربية التي مهَّدت للجنة الثلاثية العليا، التي قادت إلى مؤتمر الطائف واستطراداً إلى إتفاق الطائف؟
مَن لا يتذكَّر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي كان وزيراً للخارجية في العام 1989، حين ترأس اللجنة السداسية العربية، واجتمع مع مختلف الأطراف اللبنانيين سواء في الكويت أو في تونس، من أجل إيجاد حلٍ للأزمة اللبنانية؟
لولا هذه الاجتماعات لَما كانت الطريق قد تعبَّدت لمؤتمر الطائف.
مَن لا يتذكَّر دور الكويت في كل مفاصل معالجة الحرب اللبنانية؟
هذا الدور هو الذي حدا برئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى التأكيد لأمير الكويت صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في الإتصال الذي أجراه به، على متانة العلاقات الأخوية وتجذُّرها، منوهاً بمواقف سموِّه الداعمة للبنان في كل الظروف التي مرّ بها. ومشدداً على أن لا شيء يمكن أنْ يؤثر على صلابة العلاقات اللبنانية – الكويتية على المستويين الرسمي والشعبي.
هذا الدور المميز للكويت في لبنان، حدا برئيس مجلس النواب نبيه بري إلى القول:
الإساءة للكويت وأميرها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مرفوضة ومدانة بكل المقاييس. وسيحفظ اللبنانيون على الدوام للكويت أميراً وشعباً وحكومة ومجلس أمة أياديهم البيضاء التي امتدت للبنان في أيام الشدة والرخاء.
الرئيس سعد الحريري اعتبر أنَّ لبنان يكنُّ كل احترام وتقدير لأمير الكويت الذي له مكانة خاصة وتاريخ مشرِّف في الوقوف إلى جانب اللبنانيين في السراء والضراء.
هذا غيضٌ من فيض ما يُكنه لبنان لدولة الكويت، وأكثر من ذلك فما من مشروع أو طريقٍ أو أوتوستراد أو أي شيء تنموي إلا وكانت لدولة الكويت يدٌ بيضاء في تقديمها، لذا فإن أقل ما يُقال هو أن لبنان مَدين للكويت:
أميراً وقيادةً ومسؤولين وشعباً، بأصدق الإمتنان.
والأمر لا يقتصر على الإنماء، بل إنّ الكويت في المحافل الدولية تقف إلى جانب قضايا لبنان بمقدار ما تقف إلى جانب قضاياها.
ولا يسعنا سوى أنْ نقول لدولة الكويت الشقيقة، وبلسان كل اللبنانيين:
شكراً.