Site icon IMLebanon

انه زمن الخوف على لبنان  

يستجمع اللبنانيون هذه الايام كل عناصر فرادتهم، لا سيما المهرجانات الفنية التي أصبحت بمعدل مهرجان لكل مواطن لبناني، وذلك بعد انتهاء موسم المسلسلات اللبنانية الرمضانية الغريبة العجيبة التي لا تشبه شيئاً تقريباً، ومع عودة البرامج السياسية الهوائية من اجل تكرار المكرّر وتغييب الغائب وتجهيل الجاهل والبحث مجدداً عن موضوعات الإثارة والانقسام والاتهامات التي تعزز اوهام الديموقراطية اللبنانية. ويحاول بعض لبنان الإعلامي ايضا الاستفادة من الخلافات العربية – العربية مع حلم اعادة عقارب الزمن الى الوراء ايام كانت بيروت تطبع والعرب يقرأون. رحم الله ايام زمان، ايام كان كل لبناني يغنّي على ليلاه حتى ضياع لبنان.

لا اعرف مدى اهتمام اللبنانيين بالتطورات الاخيرة في المنطقة، من الأزمة الخليجية الى خروج داعش من الموصل الى الحشود التركية في الشمال السوري الى الحشود العراقية والايرانية من الشرق السوري والتهديدات الاميركية والحشود في الجنوب السوري والحديث عن معركة الرقة، ناهيك عن الاختراق العسكري اللبناني لسوريا واختراق النزوح السوري للبنان، بالاضافة الى الوجود العسكري الروسي واعتبار سوريا منطقة نفوذ روسية مع ظهور محور أستانا الإقليمي الذي بدأت بعض القوى السياسية التموضع داخله عبر روسيا وتركيا وايران. وكل هذه الأمور تسير باتجاه تصعيد المواجهات المتعددة الأطراف والاهداف والتي تتقاطع جميعها مع التكوّنات السياسيّة اللبنانية.

هل سيبقى لبنان بعيدا عن تداعيات المشهد الإقليمي في سوريا والعراق واليمن والخليج؟ وهل صحيح ان لبنان يحظى بمظلة دولية؟ أم ان الاستقرار المشبوه الذي نعيشه هو نتيجة الخدمات التي يقدّمها لبنان لكافة أطراف النزاع بدون استثناء كحديقة خلفية للدخول والخروج والاجتماعات والايداعات والذهاب والاياب، بالاضافة الى خدمات اخرى لا نستطيع الحديث عنها لأنها محصنة ومحمية بكافة أشكال الامر الواقع والمقننة الى حد بعيد.

لا اعرف ماذا سيحدث اذا اندفعت النزاعات باتجاه لبنان. ولا اعرف ايضا من أين ستبدأ وما هي نقاط الضعف في البنية السياسية اللبنانية حاليا، وغير المحصنة وطنيا ومناطقيا واجتماعيا. ولا أعرف أي تداعيات خارجية ستكون اكثر تأثيرا على لبنان، ام هل ستتفاقم الأوضاع داخليا قبل وصول النزاعات الخارجية، ومن هي القوى السياسية اللبنانية التي تريد سلامة الجميع بدون استثناء، وما هي المشاريع المكتومة لدى الافرقاء والجماعات. كما لا اعرف أيضاً كيف تبرّر المكوّنات السياسية تجاهلها للمخاطر القادمة على لبنان.

ان ارفع أشكال الاستقرار السياسي هو تعاظم المعارضة السياسية للسلطة التنفيذية. وارفع انواع المسؤولية الوطنية والسياسية هو الخوف على الوطن عند التحديات المصيرية. وهنا يأتي السؤال: هل نحن في حالة استقرار سياسي تستدعي وجود المعارضة أم نحن في حالة تهديد وجودي وكياني تستدعي الخوف على الوطن؟ ان استسهال المعارضة حتى ضمن المجموعات المشاركة في السلطة هو انفصال عن الواقع وترف سياسي في ازمنة حرجة، لانه يجعل الناس يشعرون أنّهم محصّنين مما يدور حولهم، في حين ان المسؤولية الوطنية في مثل هذه الظروف تكون  بتذكير اللبنانيين ليل نهار بمخاطر المرحلة وتحدياتها، لأننا لسنا في زمن اوهام السلطة والمعارضة. انه زمن الخوف على لبنان.