IMLebanon

إنها حرب… صدّقوا!

لم يترك مرتزقة الارهاب المتربصون منذ آب الماضي بالحدود الشرقية للبنان اي شك في هجمتهم الاخيرة على جرود رأس بعلبك في ان مخططهم للمضي في استنزاف الجيش ذاهب في خط تصاعدي. وإذا كان الجيش تكيّف تماما كما تثبت الدماء السخية والتضحيات المتعاقبة التي تفرضها عليه هذه المواجهة الشرسة مع موجباتها الشديدة الصعوبة، فان مرور سبعة اشهر من تعاقب المعارك والمواجهات عند الحدود وفي الداخل بات يفرض في المقابل الا يبقى التكيف مع هذه الحرب الحقيقية من الجانب “المدني” بمستواه السياسي محصورا بمجرد الالتفاف العاطفي على الجيش كلما شهدت مناطق لبنانية مواكب لأعراس الشهادة العسكرية. نقول ذلك من منطلق شعور بأن جمرة المواجهات الجارية بين الجيش والارهابيين لم تواكبها حتى الساعة حالة تعبئة مدنية سياسية وشعبية بالقدر المطلوب تحسبا للأسوأ الآتي.

والواقع اننا لا نفهم مثلا كيف تمضي المواجهة تلو الاخرى ولا تخصص جلسات استثنائية لمجلس الوزراء للاطلاع على مجريات المعارك بتفاصيلها الدقيقة وموجباتها ووضع اللبنانيين بكل شفافية وصراحة ووضوح بطبيعة الحرب التي تستهدف لبنان. ومثلها ايضا لا نعرف ماذا يفعل مجلس النواب الذي يدمن حرق الوقت الضائع في تعداد مملّ فاشل لجلسات انتخابية لرئيس الجمهورية المحكومة بالتعطيل ولا يرتفع صوت نيابي واحد بالمطالبة بجلسة ما تخصَّص للنظر في حرب اكثر من حقيقية يتعرض لها لبنان وتستنزف الجيش وما يمكن وما لا يمكن فعله حيالها. لا نود ان نسمع تبريرات سخيفة من نوع التنظيرات التي تحتمي بالنظم الداخلية والدستورية او من نوع الكلام عن خلايا ازمة او سواها من آليات رتيبة بيروقراطية فارغة تبرر هذا الكسل والتقاعد السياسي والرسمي عن الإحاطة الكافية بوضع نخشى ان يكون معظم الطاقم السياسي اللبناني لم يستوعب خطورته بعد حتى اليوم. لن نقول ان ابناء البقاع وقبلهم ابناء الشمال يبدون متروكين وحدهم مع الجيش في مشهد مشلع لا تتمدد انعكاساته الحارقة الى الدواخل ما دام الخطر بعيدا عن “رعايا” الداخل.

هذه حرب بكل معايير الحروب زائد خصائص يضخها الارهابيون بتكتيكاتهم الشديدة الشراسة. وهي حرب فتحت على لبنان بتخطيط شيطاني بدأ مع استهداف مناطق ذات غالبية سنية. فلما فشل ولم يجد له الحاضنة ارتد الى مناطق ذات غالبية شيعية ومن ثم مسيحية. انه مخطط مذهبي بالدرجة الاولى ومن ثم استهدافي للجيش بكل ما يعنيه ويختصره كالقوة العسكرية الدفاعية او المحتضن لكل تلاوين الشعب اللبناني ومناطقه. وإذا كان يتعين على الطاقم السياسي ان يشرب هذه الحقائق المرة المخيفة بالملعقة لكي يفهم ويتحرك ويقيم الارضيّة الكافية لدعم الجيش بحالة استنفار استثنائية طويلة المدى، فهنا تماما مكمن الخوف لا من الحدود ومستبيحيها.