«حرب المرسوم» لن يخرج رابحاً منها أي من طرفيها (بل أطرافها المعلَن منهم والمكتوم). إنما هي ستتسبب بأضرار مباشرة تنعكس على الجميع خصوصاً على هذا الوطن ويبدو أنّ هناك من لم يقتنع بعد، أو لا يريد أن يقتنع، بأنه يكفينا ما عانينا من مشاكل وأزمات لا تزال تجرجر مشاكل وتتناسل أزمات…
ونود أن نقتنع بأن ثمة أملاً، بل مجرّد بصيص أمل، باللجوء الى الحكمة والإحتكام الى العقل قبل أن تقود هذه الأزمة المفتعلة الى تعميق الشرخ، ليس فقط بين القيادات، بل خصوصاً بين القواعد الشعبية التي يبدو أن هناك من يستطيب أن يبقيها دائماً وأبداً في حال تأهب وإستنفار.
وقد لا نبالغ إذا زعمنا أننا بتنا، في لبنان، وكأنّ قدرنا أن نعيش في الأزمات، وأن نتعايش معها، وأن ننسى سائر المطالب والهموم المصيرية التي تحوطنا من كل جانب، فتؤرق ليالينا بعد أن تعكّر نهاراتنا.
إن العناد ليس أسلوباً لمعالجة الأمور تعتمده القيادات. والعناد لا يوصل إلاّ إلى السلبية التي هي «أفضل أسلوب» لاستدراج الويلات! ولا نشك لحظة في أنّ أطراف هذه الأزمة، التي نكرّر أنها مفتعلة، يدركون بداهة وبالتجربة المرّة مفاعيل العناد…
ونود أن نجلّ فخامة الرئيس العماد ميشال عون ودولة الرئيس الأستاذ نبيه بري عن أن يكونا يجهلان هذه الحقيقة، ولكل منهما سلسلة تجارب كبيرة، وبعضها قاس جداً، في الحياة السياسية اللبنانية منذ عقود طويلة.
ولسنا، نحن، في أي حال من يأذن لنفسه أن يوجه النصح لا سمح اللّه. فقط إننا نلفت عناية هذين القائدين الكبيرين الى أن الأسلوب المعتمد حتى الآن لن يوصل الى أي نتيجة إيجابية لا على الصعيد الشخصي ولا على الصعيد الوطني.
فلم يكن مستساغاً، بل نذهب أبعد لنقول لم يكن مقبولاً، أن ترث سنة 2018 هذه الأزمة المفتعلة ولبنان في وسط عاصفة هوجاء تضرب المنطقة والعالم… وكانت الآمال معقودة على أن تحمل السنة الجديدة الأماني الكبيرة لهذا الوطن الذي آن له أن يُقال من عثراته، وأن ينطلق نحو آفاق جديدة يستحقها عن حق وحقيق وهو الوطن العريق وشعبه الصابر الصامد الذي يعاني منذ أربعة عقود ونيف مسلسلات مرعبة من الصعوبات والأزمات والكوارث.
ولعلنا نرى ضرورة في أن نكرّر أن أحداً لن يخرج رابحاً في هذه «المعركة»، ولكن إنهاء الأزمة بالتفاهم بين بعبدا وعين التينة (أياً كان هذا التفاهم) سيحمل بالتأكيد الكثير من الإيجابيات على أصحابها وعلى البلاد والعباد.