Site icon IMLebanon

هل يُعجّل التدخل الروسي بالحلّ أم يعقّده؟ تنحّي الأسد بعد التسوية وليس قبلها

لسفير سابق مثّل لبنان في عدد من العواصم الكبرى رأي في التدخل العسكري الروسي يخالف رأي البعض اذ ينظر الى هذا التدخل بتفاؤل فيقول إن كل محاولات حلّ الأزمة في سوريا باءت بالفشل بسبب الخلاف على مصير الرئيس الأسد الذي صار مرتبطاً حتى بمصير سوريا. وروسيا التي لعبت في مجلس الأمن الدولي دور المعارض لتنحية الأسد واستخدمت “الفيتو” أكثر من مرة انقاذاً لنظامه أخذت الآن على عاتقها حلّ الأزمة السورية، وان الدول المعنية وعلى رأسها أميركا لا تمانع في ذلك ضمناً حتى اذا نجحت روسيا في مهمتها يكون ذلك نجاحاً للجميع، وأن هي فشلت تتحمل وحدها النتائج والمسؤولية.

وفي اعتقاد السفير نفسه أن روسيا ما كانت لتقدم على هذه الخطوة الخطيرة لو لم تكن تتوقع تعاوناً أميركياً وسعودياً وحتى اسرائيلياً وان غير معلن لأن الجميع يلتقون على وجوب القضاء على تنظيم “داعش” وعلى كل تنظيم ارهابي لأنه خطر يتهدد الجميع، ولا سيما روسيا، لكنهم يختلفون على تقرير مصير الأسد. فمنهم من يرى أن لا حلّ للأزمة السورية بوجوده ومن يرى ان لا حل الا بوجوده كونه يشكل جزءاً منه. لذلك فليس سوى روسيا من يستطيع ان يقول للأسد “كش” لأنها شكلت له المظلة الوحيدة التي تحميه لكنها لن تقول له ذلك إلا بعد إن تدمر مواقع الارهاب وخلاياه وتعمل في الوقت نفسه على تشكيل حكومة اتحاد وطني قادرة على حفظ الأمن والاستقرار في البلاد، وهذا لا يتحقق اذا تنحى الأسد قبل تشكيل هذه الحكومة، كما انه لا يتحقق اذا ظل السوريون منقسمين موالين ومعارضين لأن هذا الانقسام يساعد على خلق بيئات حاضنة للارهاب خصوصاً ان للانقسام هذا وجهاً مذهبياً أكثر منه سياسياً وهو الأخطر.

ان روسيا اذاً تعمل في سوريا على خطين: خط عسكري لضرب الارهاب وخط سياسي لتشكيل حكومة اتحاد وطني لفترة انتقالية يتم خلالها اجراء انتخابات نيابية، وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تنبثق من مجلس النواب الجديد، أي أن الحل الروسي لا يبدأ بتنحية الأسد بل ينتهي به. ويشبه السفير اللبناني التدخل العسكري الروسي في سوريا بقوة الردع العربية التي دخلت لبنان. ثم أصبحت قوّة سورية صافية وتولت حفظ الأمن فيه ودعم حكومة الوفاق الوطني التي تم تشكيلها بعد وقف الاقتتال ويمكن وضع هذا التدخل الروسي في خانة مباشرة تقاسم مناطق النفوذ في المنطقة. فلروسيا مصالح حيوية في سوريا تريد الحفاظ عليها وتريد أن تكون من حصتها، وللحفاظ على هذه المصالح يهمها أن تقيم فيها. حكماً قوياً قادراً على ذلك، ويصبح استقراره ثابتاً عندما يتم التخلص من التنظيمات الارهابية. وهو ما فعلته القوات السورية في لبنان عندما ساعدت على تشكيل حكومة وفاق وطني بعد وقف الاقتتال فيه. واذا كانت روسيا بدأت بأخذ حصتها بيدها وبالتراضي ضمنا ما يجعل سوريا في دائرة نفوذها، فسوف يكون ذلك بداية توزيع الحصص على الدول المعنية في المنطقة، وبما يشبه “سايكس – بيكو” جديدة تتولاها أميركا وروسيا كما تولتها في الماضي بريطانيا وفرنسا ولكن ليس بعد حرب لأن الحرب بوجود الأسلحة المتطورة كارثة للجميع. وقد لا يكون السلام الشامل في المنطقة الذي ينهي النزاع الطويل بين العرب والفلسطينيين من جهة واسرائيل من جهة أخرى خارج توزيع مناطق النفوذ، فيعود حل الدولتين اساس الاتفاق عندما تجمع الدول الكبرى على اعتماده، لان البديل من الخلاف على التقاسم هو التقسيم الذي لا اجماع عليه.

وبما ان روسيا اعلنت أنها مع رئيس توافقي في لبنان، ومع تحييده عن صراعات المحاور نظراً الى تركيبته الدقيقة وحرصاً على سلمه الأهلي وعيشه المشترك وعلى آخر موقع للمسيحيين في الشرق فان نجاحها في سوريا سوف يساعد على نجاحها في لبنان بالتعاون والتنسيق مع كل الدول المعنية، وعندها تقوم الدولة القوية التي لا سلاح غير سلاحها، وهو ما دعا اليه الرئيس تمام سلام في لقاءاته على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وما دعا اليه الرئيس ميشال سليمان في حديثه مع الرئيس الفرنسي هولاند الا وهو حفظ حقوق لبنان عند الاتفاق على حل سياسي لسوريا باقتراحه أربع نقاط هي انعكاس للوضع السوري على لبنان.