غادر وزير الخارجية الفرنسي لبنان دون ان يحدث اي خرق في جدار الاستحقاق الرئاسي، فليس لدى باريس اي مبادرة في هذا الشأن ففرنسا اليوم ليست فرنسا شارل ديغول، ولا لبنان اليوم هو لبنان كميل شمعون او فؤاد شهاب، بعدما تغيرت الظروف، وحل اللاعب الاميركي على حلبة المنطقة واقصى بقية اللاعبين الذين صنعوا الدول على رقعة الهلال الخصيب ورسموا خرائطها اي فرنسا وبريطانيا عبر اتفاق سايكس – بيكو الذي اطاحت به دولة ابو بكر البغدادي فزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت وفق الاوساط المواكبة جاءت على خطى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند استطلاعية وهدفها الاول والاخير تفقد النازحين السوريين، اما الملف الرئاسي فيبقى وفق ايرولت بيد اللاعبين المحليين الذين يرفضون منذ اكثر من عامين التقاط الفرصة لانجاز الاستحقاق الرئاسي وانتاج رئيس للجمهورية صنع في لبنان وسط تراشق فريقي النزاع حول المسألة بحيث يحمل كل طرف الطرف الاخر تعطيل الاستحقاق بعد 42 جلسة لم يكتمل فيها النصاب وربما لن يتحقق هذا الا بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية ووصول ادارة جديدة قد تحرك المياه الراكدة في الملف الرئاسي.
وتضيف الاوساط انه حيال انسداد الافق لملء الشغور في رأس الهرم اللبناني، يبدي قياديون في «التيار الوطني الحر» تفاؤلاً كبيراً بوصول الجنرال ميشال عون الى قصر بعبدا الى حد ان الوزير السابق سليم جريصاتي يتحدث حول الموضوع وكأن الجنرال قد دخل القصر الجمهوري وبات رئيساً للجمهورية وتسأل مصادر في «المستقبل» علام يبني جريصاتي قناعته فلا احد يدري فعلى اي معطى سري يعتمد علماً ان لا وجود لاسرار على الساحة المحلية خصوصا وان اللاعبين الكبار يفكرون بصوت عال فكيف اذا تكلموا، فهل يراهن البرتقاليون على السعودية ويتوقعون ان يتلقى عون دعوة ملكية لزيارتها كونه طلب موعداً لذلك اثناء العشاء الذي اقامه سفيرها علي عواض العسيري وجمع فيه الاطراف السياسية ما عدا «حزب الله» واجلس الجنرال عن يمينه، علماً ان عون الذي لم يقطع قنوات اتصاله بالمملكة سبق وان طلب موعداً لزيارة السعودية الا ان المملكة آثرت استقبال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على طريقة استقبال رؤساء الجمهورية وقد خرقت البروتوكول يومها مقابلة الملك سلمان بن عبد العزيز بداية ومن ثم التقى القياديين في المملكة عكس العرف المتبع، الى حد اثار فيه غيرة الرئىس سعد الحريري، ومن بعده استقبلت السعودية رئىس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل ولكن لقاءاته كانت على مستوى القيادة السعودية دون ان تتوج بلقاء الملك.
وتشير المصادر نفسها الى ان اعادة تعويم الحريري سعودياً واعتماده كرجل المملكة على الحلبة المحلية سيتيح له وضعه الجديد ان يحمل كلمة السر السعودية في الملف الرئاسي الا اذا كان ترشيحه للنائب سليمان فرنجية صدر عن البلاط الملكي، في وقت رأى فيه المقربون من المملكة يومذاك ان ترشيح الحريري لفرنجية اعتمد على فريق معين في القيادة السعودية وليس على البلاد علماً أن المملكة تعيش صراعات مكشوفة بين جيل الامراء الشباب وبين ولي العهد محمد بن نايف وولي ولي العهد محمد بن سلمان الذي حاول اثناء لقائه الرئىس الاميركي باراك اوباما تسويق نفسه لوراثة الملك الا انه لمس ان ادارة اوباما تقف الى جانب حلول ولي العهد بن نايف على العرش اثر رحيل الملك والاعمار بيد الله، واذا كان الجنرال قد انتهز عيد الفطر لمعايدة مفتى الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة واضحة الى الطائفة السنية فان المقربين من الرابية يتوقعون ان يزور الجنرال بيت الوسط لدى عودة الحريري من الخارج، الا ان كل الزيارات لن توصله الى بعبدا بحسب المصادر في «المستقبل» لا سيما وان العلاقات الايرانية ـ السعودية وصلت الى حدود الصدام بعد حضور رئىس الاستخبارات السعودية السابق تركي الفيصل مؤتمر «مجاهدي خلق» في باريس وتحريضه على الحكم في ايران.