IMLebanon

هل يخوض فرنجية مهمّة مستحيلة؟

لا يستطيع قيادي زغرتاوي أن يُخفي الهواجس التي تُرافق التسوية التي ترتّبت إثر لقاء رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وعيناه لا تفارقان بنشعي حيث حركة الديبلوماسيين لا تتوقف منذ أسبوعين وحتى اليوم.

يراقب القيادي الزغرتاوي مقرّ فرنجية الذي يُشكّل واجهة لتسوية إقليمية ودولية مُحمّلة باتفاقات ضمنيّة قد لا تصبّ كلّها في مصلحة قوى «8 آذار» كما يظنّ أكثرية المراقبين، ولا تجعل من قوى «14 آذار» منتصرة بشكل واضح.

أمام علامات الاستفهام المنطقيّة الكثيرة التي تطرحها فور سماعك لهذا القيادي الزغرتاوي، يأتيك فوراً الجواب: «بات معروفاً أنّ مصيري رئيس النظام السوري بشار الأسد وتنظيم «الدولة الإسلامية» مربوطان ببعضهما، ومن المتوقع ألّا يكون لهما دور في مستقبل سوريا وهذا ما سيظهر قريباً، وخصوصاً أنّ الأيام ستكشف أنّ حملة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تكن لحماية الأسد بمقدار ما كانت لحماية مصالح روسيا في الشرق الأوسط. ثمّة ترتيبات ستنشأ إثر اكتمال الحلّ السياسي في سوريا، وستشمل عودة «حزب الله» من الأراضي السورية، وهذا ما يعرفه جيداً فرنجية نفسه».

من هنا تصبح تلميحات الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله مفهومة لجهة «السلّة المتكاملة»، معطوفة على مبادرة اقليمية ودولية تستند إلى الاتفاق النووي الاميركي – الايراني، تولّدت منها تسوية الحريري- فرنجية.

يؤكّد القيادي الزغرتاوي أنّه لا يوجد هامش كبير للمناورة بالنسبة إلى الأطراف المحليين المعنيين بالتسوية، لا «8 آذار» ولا «14 آذار»، حتى فرنجية نفسه سيكون «مضبوطاً» على الإيقاع الأميركي – الإيراني مُكلّفاً بمهمّتين: الأولى هي الوصاية على عودة «حزب الله» إلى الداخل اللبناني بإيعاز ايراني – أميركي.

والثانية تأمين جو ملائم لعودة مشرّفة لـ«الحزب»، ولن يكون مستبعداً أن تطلب قيادة «الحزب» من فرنجية «الرئيس» الطلب منها عودة مقاتليها من سوريا ليكون الأمر مبرّراً وخصوصاً أنّ إيران ترتاح لفرنجية الواضح والصريح أكثر من غيره، وهنا ستبدأ مهمّته بلبننة «الحزب» والكفّ عن استخدام سلاحه في الداخل، ممّا سيحوّل لبنان «جولان» آخر من حيث الاستقرار، وخصوصاً بعد انقطاع الإمدادات العسكرية عن «الحزب».

يستغرب القيادي الزغرتاوي تخوين الحريري، ويعتبر أنّ منتقديه يبالغون في وصفهم له، فزعيم تيار «المستقبل» لا يمكن أن يساوم على دماء والده وهو يعرف أن لا علاقة لفرنجية باغتيال والده لا من قريب ولا من بعيد، ويُدرك أنّ التسوية ستصبّ في النهاية في مصلحة مشروع «14 آذار» الساعي منذ عام 2005 إلى «لبننة» حزب الله. وربما تكون مساعي الحريري مباركة من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.

يعرف القيادي الزغرتاوي أنّ اسم سليمان فرنجية يستفزّ رئيس «التيار الوطني الحر» ميشال عون الذي لم يتخلَّ حتى اليوم عن طموحه بالرئاسة لمصلحة حليفه فرنجية على رغم الدعم الكبير الذي يلقاه الأخير من كل الأفرقاء في «8 آذار» وقسم من «14 آذار»، ويبدو أنّه المتضرّر الأساسي من ترشيحه، وقد اعترف في مقابلته الأخيرة مع التلفزيون الروسي بامتعاضه من ترشيح الحريري لفرنجية.

أمّا في يتعلّق برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فلا يَجد القيادي الزغرتاوي صعوبة كبيرة أمام الحريري في إقناعه القبول بغريمه السياسي رئيساً للجمهورية لمبرّرات مسيحية – مسيحية، وتحديداً لإقفال الباب نهائياً على مشاكل الماضي.

ثم يتنهّد القيادي الزغرتاوي طويلاً قبل أن يتابع حديثه عن جعجع ويقول: «إنّ دعمه ترشيح فرنجية سيكون مفاجئاً وسينعكس عليه إيجاباً على صعيد الانتخابات النيابية المقبلة ولن يكون مستغرباً إن كسب أكثرية المقاعد المسيحية».

موضوعياً، لا تبدو تلك المؤشرات واضحة في مواقف جعجع، بل لا يتوقف عن تكرار مطالبته برئيس من روحيّة «14 آذار» وبأن يحمل مبادئها، وعلى رغم أنّه لم يُعلن موقفاً رسمياً من ترشيح فرنجية الذي لم يُصبح رسمياً بحد ذاته بعد، إلّا أنّ القيادي الزغرتاوي يؤكّد أنّ جعجع قد يحتاج إلى وقت لتهيئة شارعه من أجل القيام بهذه الخطوة وفق ضمانات إقليمية ومحلية ستُعطى له.