الحدث تاريخي في كل ما للكلمة من معنى. إنها مناسبة ينتظر أن تحوّل وضعاً بذاته 180 درجة. وهي سانحة إستثنائية. ستنتج بالضرورة تحوُّلاً كبيراً جداً قد يتعذر، منذ اليوم تقدير أبعاده.
وهذا اللقاء الكبير التاريخي بين الرئيسين الأميركي ترامب والكوري الشمالي كيم يونغ يشكل، بالضرورة، منعطفاً قدر ما هو نقطة ارتكاز وتحول في حد ذاته.
أولاً – كان ترامب في حاجة ماسة الى تحقيق إنجاز لم يتيسر له طوال ما مضى من ولايته، فجاء توقيع كيم يونع على الإلتزام بنزع «كامل الأسلحة النووية» في شبه الجزيرة الكورية ليعطي دونالد ترامب هذا الإنجاز.
ثانياً – كان يفترض قبول يونغ بمبدأ التفتيش من خلال العبارة الآتية «نزع أسلحة نووية كامل ويمكن التحقق منه ولا رجوع عنه». ولكن هذه النقطة لم ترد في الإتفاق، إنما استبدلت بصيغة غامضة… وهذا من شأنه أن ينغّص ابتهاج الرئيس الأميركي بنصر سيبقى منقوصاً.
ثالثاً – تعهدُ الرئيسين بالعلاقات السياسية الكاملة من شأنه أن يفتح آفاقاً أمام المؤسسات المالية الأميركية التي تطمح الى أسواق إستثمارية جديدة في بلد أدى الإنفاق الهائل على التسلّح الى إدخاله في لائحة الدول الفقيرة، حيث معظم الشعب تحت خط الفقر.
رابعاً – إن اللقاء في حد ذاته حدث بارز بعدما كان الزعيمان «المتهوران» (كما تصفهما وسائط الإعلام العالمية عموماً) قد وضعا العالم على شفير حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر!… ولا يزال دوي التهديدات وقرقعة السلاح النووي يصمّان الآذان منذ نحو سنتين أو أكثر.
خامساً- في حال أخذ الإتفاق طريقه السليم الى التنفيذ فلا شك في أنه سيرخي بظلاله على تطورات منطقتنا خصوصاً على حروب الكبار بالواسطة في هذه المنطقة، وبالذات على الأحداث في سوريا أقله لأن باباً من أبواب الأسلحة (خصوصاً الكيميائية) التي كانت تستورد من كوريا الشمالية سيصبح مقفلاً.
صحيفة «واشنطن بوست» ترى أنه بالإبتسامة والمصافحة والكلمة المعبرة عن الدفء المتبادل دخل ترامب وكيم كتب التاريخ في قمة سنغافورة باعتبارهما أول رئيسين لبلديهما يلتقيان مباشرة. أما هل ستثمر القمة عن شيء تاريخي أم لا؟ فهذا أمر سيتضح في وقت لاحق. ولم يفت هذه الصحيفة الكبرى أن تجري مقارنة بين ترامب المبتسم في القمة مع العدو التاريخي (الرئيس الكوري) وترامب ذاته المتجهم في قمة كندا (قبل يومين) مع الحلفاء!