IMLebanon

هل كان «الكاوبوي» يُخطِّط حقّاً لاغتيال جنبلاط؟

لا يختلف اثنان على أنّ يوسف فخر المشهور بـ«الكاوبوي» كان واحداً من «شبّيحة» الحرب الأهلية، ومجرميها الصغار (الكبار صاروا يُسمَّون «طبقة سياسية»). ولا يحتاج لجهد كبير من قرأ القرار الاتهامي بحقه أو اطّلع على ملخصات التحقيق معه ليخلص إلى تورطه بجرم الاتصال مع العدو الإسرائيلي، رغم أن ذلك خرج إلى العلن منذ أكثر من عام بعد نشر «الأخبار» مراسلات مقرصنة بينه وبين ضابط الارتباط الإسرائيلي مندي الصفدي.

فضلاً عن دوره في العمل على تشكيل مجموعات مسلّحة في الداخل اللبناني. لقد أراد الرجل الاستعانة بإسرائيل لدعمه وتسليحه. ولا يخفى أيضاً تورطه مع شريكه ناجي نجيب نجّار، المشتبه فيه بالتعامل مع العدو الإسرائيلي، بالتنسيق مع ضابط الارتباط الإسرائيلي مندي الصفدي لتشكيل مجموعات مسلحة لمؤازرة مسلّحي المعارضة السورية في الداخل السوري. غير أنّ جميع عارفي فخر فوجئوا بالتهمة المنسوبة إليه، وتحديداً المتعلقة بالتخطيط والإعداد لاغتيال زعيم الحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط. تشكيك المقرّبين من فخر بالتهمة المنسوبة إليه عززه مضمون القرار الاتهامي. إذ لم تأت الوقائع الواردة في متن القرار على قدر التهمة المسوقة. لم يُذكر أي تفصيل يقطع بأنّ فخر كان يُعدّ لاغتيال جنبلاط. لم يكن هناك سوى رسالتين توحيان بأن فخر كان على دراية بأنّ جهة ما تُريد اغتيال زعيم المختارة. وهذا، وحده، لا يجعل منه مخططاً ومدبّراً ومتورطاً في الإعداد لعملية اغتيال جنبلاط، بل في أسوأ الحالات يُحاكم الرجل بجرم كتمان معلومات وعدم إبلاغ الأجهزة الأمنية اللبنانية بها. أما الإيحاء بشأن الاغتيال، فقد ورد في متن القرار عندما ذُكر مهند موسى، أحد المقرّبين من رئيس جهاز الأمن والاستطلاع (سابقاً) غازي كنعان، الذي أبلغ فخر خلال محادثة عبر الفايسبوك أنّ «جنبلاط لن يبقى على قيد الحياة، وسيتم اغتياله قبل تشرين الثاني ٢٠١٦، لأن السوريين غير راضين عنه والروس تخلّوا عنه»، فعلّق فخر بالقول: «بدكن تروّحوه رَوْحوه». وبحسب القرار الاتهامي، نفى فخر بداية أي علاقة له بعملية الاغتيال المفترضة. إلا أنه لدى مواجهته برسائل إلكترونية، من بينها واحدة جاء فيها أنه «يوماً ما سيأخذ بالثأر من الذين كانوا السبب بخروجه من لبنان وبقائه ثلاثين عاماً في الخارج»، بسؤاله عمن يقصد بكلامه، أجاب أنّه قصد فيها جنبلاط والأشخاص التابعين له، ومن بينهم نشأت أبو كروم. هذا بحسب القرار الاتهامي لقاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا الذي اعتبر أن بحث تفاصيل عملية الاغتيال بالرسائل الإلكترونية يُعتبر من الأعمال التحضيرية لتنفيذ الجريمة. أما مضمون التحقيقات لدى الأمن العام، فقد ورد فيها أنّ المدعو موسى أبلغ فخر أنّ جنبلاط ستجري تصفيته ووعده بأنّه سيكون البديل لوليد جنبلاط وابنه تيمور. فردّ عليه «الكاوبوي» بأنّ جنبلاط يعاني من ترقق في العظام ومشاكل في العضلات وأنّه سيموت لوحده. ولمّا عاود موسى إبلاغه بأنّه سيُصفّى أجابه: «لـ(شتيمة)، بدكن تروّحوه رَوْحوه».

رغم كل ما سبق، لم يرد في القرار الاتهامي أو التحقيقات الأمنية أي دليل قاطع يُبيّن أنّ فخر كان يُعدّ لاغتيال جنبلاط. كذلك لم تُعرف الجهة المتورطة: من كان يُخطط لاغتيال جنبلاط؟ العدو الإسرائيلي أم الاستخبارات السورية أم المعارضة السورية؟ بقي ذلك ملتبساً من دون توضيح. وماذا عن الرسالتين الموجهتين إلى جنبلاط اللتين عُثر عليهما في حاسوب الصفدي؟ ما غايتهما؟ هل لا يزال مهند موسى يعمل للاستخبارات السورية، أم أنّه بات مرتبطاً بالموساد الإسرائيلي؟ هذا التساؤل لم يُجب عنه أيضاً. لم يُحدّد كيف كانت ستحصل عملية الاغتيال أو تفاصيل تنفيذها أو المشاركين فيها. كل هذه التساؤلات رهن المحاكمة التي سيخضع لها فخر.