IMLebanon

البند السابع عشر فجّر الجلسة … وتغيير الآلية يحتاج إلى إجماع

كان المراقبون ينتظرون أن تشهد الحكومة خضة كتلك التي شهدتها أول أمس لتزخيم البحث في تعديل آلية العمل الحكومي. وكانت كلّ التوقعات تقول إنّ ملفاً من الملفات الدسمة سيتسبّب بالإشكال ولم يكن أحدٌ يتوقع أن تكون قضية الدكتورة كرملين توما عساف الشرارة التي علّقت إجتماعاتها. فما الذي حصل؟ وما هو المتوقع؟

عشية الذكرى السنوية الأولى لتشكيل حكومة «المصلحة الوطنية» (15 شباط 2014) شهدت خضة جديدة تزامناً مع رغبة رئيس الحكومة بتعديل الآلية المعتمَدة فيها للتخفيف قدر الإمكان من الأسباب التي تدفع الى تعطيلها بعدما بات يتمتع كلُّ وزير من الوزراء، أياً كانت حقيبته، بحق الفيتو ما يؤدي الى تجميد صدور القرارات الكبيرة والصغيرة على السواء.

فقد دلّت التجارب الحكومية على مدى عام كامل أنّ هذه الآلية التي اعتمدت التوافق تشكل سلاحاً ذا حدين، إذ في الوقت الذي رأت فيها فئات واسعة عامل استقرار وإطمئنان خشية من التهميش في غياب رئيس الجمهورية وانتقال السلطة الى مجلس الوزراء مجتمعاً، أظهرت الممارسة استحالة العمل الحكومي وصولاً الى المس بالمصلحة الوطنية.

كان ذلك وسط قناعة شبه شاملة بأنّ الشغور سيحلّ في قصر بعبدا. وأنّ هذه الحكومة هي التي ستدير شؤون البلاد والعباد في تكرارٍ لتجربة قادها الرئيس السابق فؤاد السنيورة على رغم الفوارق الكبرى في الظروف المتفجِرة التي رافقت تجربته عندما كان وزراؤها مستهدَفين لتعطيل النصاب فيها في اعقاب استقالة الوزراء الشيعة ووزير أورثوذكسي واغتيال الشيخ بيار أمين الجميل.

على هذه القاعدة لجأ الرئيس سلام ومعه فريق من الوزراء الى الآلية التوافقية عنواناً لها على رغم ملاحظاتِ كثر ومنهم الرئيس نبيه بري لتوفير الحماية لها بالحدّ الأدنى في ظلّ الشغور الرئاسي. ولم يكن أحد يتصوّر أن يتصرّف بعض الوزراء بالشكل الذي تصرّف به بالكيدية التي دفعت الى تأجيل البتّ بالكثير من القضايا على رغم صفة العجلة.

وعلى هذه الخلفيات، يتبادل الوزراء روايات عديدة عن طريقة استخدام «حق الفيتو» ومنها أنّ أحد الوزراء لم يوقع مرسوماً لإنشاء فرع لجمعية دولية تريد أن تتخِذ من مدينة وزيرٍ آخر مقراً لها في مواجهة رفض الوزير لمشروع تقدَّم به الى المجلس يتعلق بآلية العمل في قطاع حيوي، وصولاً الى رفض وزيرٍ آخر التوقيع على قرارات باستقدام عمال للنظافة في وزارة كردٍّ على زميلٍ له بسبب رفضه التوقيع على مراسيم تعنيه.

وفي جلسة مجلس الوزراء أول أمس تكرّرت التجربة. فعندما انتقل البحث في الجلسة الى البند السابع عشر من جدول الأعمال وفيه طلب الموافقة على مشروع مرسوم يرمي الى إنهاء خدمة الدكتورة كرملين توما عساف، استاذة التعليم الثانوي في ملاك وزراة التربية والتعليم العالي المديرية العامة للتربية، وتعيينها بوظيفة أستاذ مساعد في ملاك الجامعة اللبنانية – كلية التربية. فرفض وزير الشؤون الإجتماعية التوقيع مؤكداً أن ليس لديه شيء ضدّ هذه الموظّفة، لكن لن يمرّ أيّ تعيين ما لم تَسر تعيينات المنطقة الإقتصادية في طرابلس.

عندها حاول الوزير محمد المنشوق تهدئة الوضع، فصعّد درباس أكثر وردّ سلام رافضاً تهمة إهمال طرابلس. واحتدّ معترِضاً على طريقة تعاطي الوزراء، وقال: «هذا ليس عملاً منتِجاً، وجلساتنا لم تعد تنتج، ولا بدّ من إعادة النظر في الآلية، لأنّ كلّ وزير يستطيع عرقلة العمل»، ورَفَعَ الجلسة.

فتحت هذه الحادثة جدلاً اختلط فيه المزح بالجد وسأل أحدهم: «مَن هي الدكتورة كرملين التي فجرت الجلسة؟ أعطونا صورتها لنشوف كيف يمكن معالجة الوضع».

وشكر آخر ربه أنّ ملف الدكتورة كرملين قد فجر الجلسة لا ملفاً من الملفات التي يمكن أن تكون لها تداعيات خطرة وهي كثيرة. وفي ما لم يتمكن أحدٌ من إعطاء أية معلومات عن الدكتورة كرملين لم يشأ أحد تحميلها مسؤولية نسف الجلسة. فقد كانت ضحية البحث عن شرارة لإثارة الموضوع.

وعليه فقد بات ثابتاً أنّ معركة تغيير الآلية قد فُتحت على مصراعيها وسط جهل مطلق لما يمكن أن تنتجه الإتصالات التي استُؤنفت على المستويات كافة لتسوية الوضع وضمان عودة الحكومة الى اجتماعاتها الدورية. وما هو ثابتٌ الى الآن أنّ تغيير الآلية يحتاج الى إجماع وزاري ما زال مفقوداً.