Site icon IMLebanon

بند وقف التوظيف في الدولة «ذهب مع الريح»

خلال جلسة مناقشة سلسلة الرتب والرواتب سُحب من التداول بند وقف التوظيف في الادارات العامة والتعليم وهو مصنّف كبند اصلاحي، بهدف تحصينه وادخال بعض التعديلات عليه. فأين اصبحت المتابعة لهذا البند؟ وهل ان اسقاطه يعني الالغاء الحتمي، تحت عنوان التأجيل الموقت.

تستحوذ رواتب موظفي القطاع العام على نسبة 40 في المئة من مداخيل الدولة، وهذه النسبة مرشّحة للارتفاع بعد اقرار سلسلة الرتب والرواتب.

ونظراً لعبء هذا الملف مالياً واقتصادياًُ جرى تقديم طرح وقف التوظيف في مختلف الادارات العامة كبند اصلاحي خلال مناقشة السلسلة، انما ما لبث ان سحب بحجة تحصينه، وادخال بعض التحسينات عليه حتى اصبح طي النسيان.

والامر غير مستغرب مطلقا لأنه لطالما استخدم التوظيف في القطاع العام، لتقوية نفوذ بعض السياسيين ولاغراض انتخابية بحته والنتيجة تخمة في أعداد الموظفين وسوء توزيع في مراكز الدولة بحيث نجد ان نسبة الشواغر في بعض الوزارات تصل الى 80 في المئة في حين ان بعض القطاعات تعاني من التخمة.

عدا عن الموظفين الذين يقبضون رواتبهم ولا يعملون على غرار موظفي سكك الحديد ونواطير الاحراج بحيث رغم كل الانتقادات التي وجهت الى هذا القطاع لم تحرك الدولة ساكناً لتوزيعهم في مصالح عامة اخرى.

ناهيك عن التخمة في القطاع التربوي العام الذي اشتهر بتوظيف المحسوبيات، بحيث نجد في بعض المدارس الحكومية اساتذة أكثر من الطلاب او عشرين استاذا لـ50 طالباً، أو عشرة اساتذة في مدرسة تأوي حوالي 500 تلميذ.

أما ونحن على ابواب انتخابات، يظهر ان الدوافع التي كانت وراء سحب هذا البند من التداول مكشوفة.

في هذا السياق، يرى النائب نبيل دو فريج وزير التنمية الادارية السابق ان هذا الملف كغيره من الملفات يحتاج الى قرار سياسي يقضي بالافراج عن المحسوبيات، عندها يكون التوظيف وفق آلية يفرضها الدستور فيأتي الرجل المناسب في المكان المناسب.

وأشار الى ان لدى توليه وزارة التنمية الادارية طرح مشروعاً على مجلس الوزراء يقضي بتوكيل شركة خاصة مهمة تقييم ادارات الدولة اللبنانية ووزاراتها ليتبيّن في ضوئها حاجة كل ادارة والتوصيف الوظيفي والرواتب، وذلك بهدف وضع هيكلية جدية للادارة والمؤسسات العامة والوزارات. الا ان هذا المشروع لم يحصل على الضوء الاخضر الوزاري يومها بسبب الظروف السياسية التي كنا نمر بها من حالة الشغور الرئاسي.

وشدد دوفريج على ضرورة تشجيع دور القطاع الخاص في لبنان لانه اذا تم تسليمه الخدمات التي يفترض بالدولة ان تقدمها للمواطن من صحة او كهرباء او في اتصالات فعندها سيأخذ على عاتقه انتقاء الموظفين المناسبين بعيداً من المحسوبيات. وفي هذا السياق، تساءل دو فريج هل يعقل انه حتى اليوم لم يتم تعيين الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء بسبب اصرار بعض الوزراء على تحديد طائفة رئيس هذه الهيئة قبل كل شيء.

واعلن عن تأييده فكرة وقف التوظيف في الدولة اذا كان يتم على الشكل الذي يتم فيه حالياً وخصوصاً مع رغبة بعض الوزراء اليوم في إلغاء الآلية المعتمدة واستبدالها بالسماح لكل وزير بتوظيف من يراه مناسباً.

وعن مدى تنبّه المسؤولين اليوم الى مدى ارتفاع حجم وقيمة كتلة الاجور سيما بعد اقرار سلسلة الرتب والرواتب، قال: ان الكتلة النقدية المخصصة لدفع الرواتب والاجور للقطاع العام اليوم باتت مخيفة لا سيما الشق المتعلق برواتب المتقاعدين والذي تعتبر كلفته باهظة جداً اليوم على الدولة، والمؤسف انه الى ارتفاع بحيث من المؤكد اننا سنصل لمرحلة لا اعلم من اين ستأتي فيها الدولة بالاموال لسد الرواتب.

واذا نظرنا اليوم الى الموازنة نلاحظ ان قسماً كبيراً منها يذهب الى الايجارات ومعاشات تقاعدية واجور في حين ان المصاريف الاستثمارية التي من شأنها ان تحرك عجلة الاقتصاد وخلق وظائف تتقلص.

حبيقة

من جهته، شدّد الخبير الاقتصادي لويس حبيقة على ضرورة وقف التوظيف في القطاع العام أقله لعام من الان يتم خلال هذه الفترة اعداد تقرير بعدد الموظفين في القطاع العام وكيفية توزعهم على ان يصار بالاستناد الى هذا التقرير الى اعادة توزيع الموظفين في الادارات لملء الشواغر.

تابع: ان التوظيف العشوائي مرفوض. واعتبر ان بند وقف التوظيف في الادارات العامة ليس بنداً اصلاحياً انما يهدف الى تخفيف الخسائر، اما الاصلاح فيكون بتوظيف اصحاب الكفاءة بغض النظر عن الطائفية والمحسوبيات، وبرأيه ان هذا الامر غير قابل للتطبيق اليوم، خصوصاً ان لا جو اصلاحيا في البلد مطلقاً، بل لا زلنا في دولة المزرعة. واعتبر ان سحب هذا البند هو ذريعة لاستمرار الفساد والمحسوبيات، والاستفادة من الدولة.

عن الكلفة الاقتصادية لاستمرار التوظيف في القطاع العام، قال: تستحوذ الرواتب والاجور في القطاع العام على ثلث الانفاق ولكن الابرز من ذلك ان انتاجية القطاع العام ضعيفة جداً وهنا تكمن المشكلة، لذا المطلوب اليوم العمل على رفع انتاجية هذا القطاع وهذا الدور يقع على عاتق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وكل وزير الذي من مهامه التأكد من حسن سير العمل في وزارته.