وسط الغيوم السوداوية المتلبدة في الافق اللبناني الداخلي والخارجي ، المفتوح على متغيرات يصعب التكهن بمسارها، تؤكد مصادر نيابية ان البلاد تعيش مناخا من التوتر الشديد والسخونة السياسية والميدانية المتنقلة بين الملفات والمناطق ،في ظل عوامل تزيد من حدة الغموض والمخاوف حيال الواقع القائم، من الوضع الميداني المتضارب الذي يسود الحدود الشرقية امتداداً الى الجنوب مع «الزج» بالعامل الاسرائيلي في أخطار المواجهات الدائرة ، والشمال «الغالي» من طرابلس الى عكار.
وقد عادت قضية العسكريين المخطوفين لتتصدر الواجهة ، على وقع اعتصام الأهالي وسط بيروت في مواجهة السراي، مستمرين بمحاصرة الحكومة بضغط شعبي تصاعدي، بعد ليل طويل سادته اتصالات التهديد والوعيد، لينجلي النهار على اجواء ايجابية تقول المصادر وتطمينات المح لها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ، بعيدا عن كل ما يحيط بالقضية من اجواء سوداوية وتسريبات وضوضاء اعلامية لا تمت الى حقيقة ما يجري بصلة، خلال لقائه الاهالي الذين حرصوا على الاجتماع به وابلاغه هواجسهم ومطالبهم.
الا ان اللافت خلال الساعات الاخيرة تمثل في حصول «خرق متقدم» في المفاوضات الجارية، ما يفسر اللهجة الجديدة التي يتعاطى فيها بعض المسؤولين مع الملف، حيث اشارت مصادر مواكبة للعملية ، ان الاتصالات البعيدة عن الأضواء تتمحور حول تطوير آلية المفاوضات لمنْع الخاطفين من الإقدام على قتل اي رهينة لديهم وان ثمة تقدما احرز في نتائج الاتصالات والمساعي الجارية ومن غير المستبعد ان تكون نتائج معيّنة برسْم البلورة في الايام القليلة المقبلة،مشيرة الى ان الوسيط القطري انهى جولة اتصالات خارجية مع جهات تمون على تنظيمي «داعش» و«النصرة» ويستعد للعودة الى لبنان خلال الساعات القادمة حاملا معه تصورا واضحا عملت على بلورته اكثر من جهة تضع اطارا عاما للتفاوض يسمح على الاقل بداية بتأمين حياة العسكريين. وبحسب المصادر فان الاطار الذي بحال قبوله ستبدأ المفاوضات الجدية التي قد تطول لفترة معينة، يتناول النقاط التالية:
– فتح ممر آمن إنساني من عرسال الى القلمون والمناطق الجردية، يستعمل للغايات الانسانية ،من نقل للجرحى ونقل المؤن الغذائية، كما يسمح للمسلحين بزيارة عائلاتهم المقيمة في المخيمات داخل البلدة في مقابل انهاء كل المظاهر المسلحة وسحب المسلحين الى القلمون.
-نقل مخيمات اللاجئين الموجودة داخل عرسال الى خارجها في مرحلة اولى، على ان يتم نقلهم لاحقا الى المنطقة العازلة التي يعتزم انشاؤها عند الحدود التركية ،مع الابقاء على عائلات المسلحين في مخيم او مخيمين داخل البلدة يتم تحديد موقعها.
-الموافقة على مقايضة الاسرى وجثث الشهداء وكشف مصير العسكريين المفقودين ، مقابل موقوفين ومحكومين في سجن رومية على ان يرحلوا الى خارج لبنان، من حلال تسريع المحاكمات او اعتماد القضاء سلطته الاستنسابية في اختصار مدة بعض العقوبات بالنسبة للمحكومين .
-التزام الحكومة بالاعلان صراحة موافقتها على مبدأ المقايضة فور اقرار بنود «الاتفاق الاطار».
– ضمان الفصائل المسلحة الموجودة في القلمون «سلامة» مجموعات «داعش» التي انخفض وجودها الى مجموعتين بعد الخسائر التي منيت بها ، وعلم في هذا الاطار ان الجيش السوري الحر يلعب دورا اساسيا من خلال شخصيتين لبنانيتين دخلتا بفعالية بعيدا عن الاعلام على خط المفاوضات.
وتابعت المصادر ان النقاط المشار اليها تحظى بغطاء وموافقة اقليمية من الدول المعنية التي تعهدت تقديم كل التسهيلات اللازمة، معتبرة ان تطور الاوضاع الميدانية ساعد الى حد كبير في تليين موقف «داعش» المتشدد .واذ اقرت بان الاتفاق قد يحتاج الى مفاوضات شاقة وطويلة ومعقدة عند بلوغ التفاصيل ، ما يستوجب الصبر للوصول الى الخاتمة السعيدة تماما كما في ملفي مخطوفي اعزاز وراهبات معلولا ، مبدية ثقتها بان الاتفاق الاطار سيحرر الاسرى من السكين الموضوع على رقابهم الا انه في نفس الوقت لا يمكن ضمان سلامة العسكريين مئة بالمئة سواء في ظل المعارك الدائرة في المنطقة الموجودين فيها والقصف المدفعي والجوي العنيف الذي تتعرض له المنطقة التي يرجح انهم نقلوا اليها، او في حال قرر التحالف توسيع ضرباته باتجاه حدود لبنان الشرقية، مؤكدة ان المفاوضات سيتخللها اتخاذ خطوات حسن نية من قبل الطرفين ، متخوفة من دخول بعض المتضررين على الخط ، من هنا استعجال الوساطات القائمة على انجاز الاتفاق الاطار في اسرع وقت ممكن.
وارتباطا بهذا الملف ، برز امس تطور لافت مع اعلان «جبهة النصرة»، عبر أحد حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، عمّا وصفته بـانشقاق الجندي محمد عنتر من كتيبة الحراسة والمدافعة في مطار رفيق الحريري، مرفقة الخبر بصورة للجندي «المنشق». مصدر مطلع ذكر ان الجندي «الطرابلسي» ، كان في عداد المفقودين ، بعد تخلفه عن الالتحاق بمكان خدمته منذ اكثر من خمسة اشهر بعد ملاحقته من قبل القضاء العسكري بمخالفات ارتكبها ، دون العثور على اي اثر له، مشيرا الى ان لا تأكيدات عما إذا كان انضم فعلاً الى «جبهة النصرة» أم تمّ القبض عليه وأرغم على إعلان «الانشقاق» ، كما حصل مع الشهيد علي السيد سابقا.