مئات آلاف المقالات وملايين اطنان الورق وكم هائل من الحبر، ناهيك بما سيتم تداوله عبر موجات الأثير ووسائط التواصل الإجتماعي، تناولت أمس، وستتناول اليوم وعلى إمتداد الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة الحدث في البيت الأبيض.
الأميركي استاذ الإستعراض، وكما في كل استعراض هناك الموضوع والحبكة والمفاجأة، وعناصر الجذب والتشويق هذه كلها كانت حاضرة، أمس، في الحدث التاريخي المذهل التي أنفق عليه المكلّف الأميركي فقط 200 مليون دولار لا غير، ليدخل دونالد ترامب البيت الأبيض على سجادة حمراء، آتياً من عالم البناء والأضواء، والحسناوات من النساء، والكلام (كما التصرفات) فوق الزنار وتحته، والحكي عفو الخاطر، أي «كيفما جاءت… تجيء».
إنها أميركا…
أميركا الأرقام الخرافية. والسيارات الخرافية. وناطحات السحاب الخرافية، وأفلام السينما الخرافية، و… إحتفالات تنصيب الرؤساء الخرافية حتى وإن كان الرئيس الجديد يتجه الى البيت الأبيض بين المتظاهرين الذين مع والذين ضدّ.
إنها أميركا…
الرئيس ينال الأقلية الشعبية فيفوز بالرئاسة. والمرشح الذي يفوز بالأكثرية يرسب في الإنتخابات الرئاسية.
إنها أميركا…
البلد الأقوى والأعظم والأكثر تأثيراً والأشد فعالية في هذا العالم المضطرب والذي زادته أميركا إضطراباً.
إنها أميركا…
القوة العظمى التي تملك قدرات عسكرية هائلة وتقنيات تكنولوجية سبّاقة، وتجهز حالها لحرب النجوم، ثم تبقى سنوات، غير قليلة، على رأس تحالف دولي ضخم، عاجزة عن ردع «داعش».
إنها أميركا…
البلد الذي كانت الشركة الثانية عشرة فيه وهي جنرال موتورز، (فقد كانت تتقدم عليها إحدى عشرة شركة وبينها الحادية عشرة شركة الكوكا كولا…) نقول كانت الشركة الثانية عشرة ذات مداخيل توازي، سنة 1981 مداخيل جميع «دول الأوبك» للبترول في العالم… يشار الى أن دولة واحدة من دول الأوبك كانت تنتج 12 مليون برميل نفط يومياً سنتذاك!
إنها أميركا…
التي دعا محمد حسنين هيكل في سبعينات القرن الماضي الى ما يفسر وكأنه الإستسلام لمشيئتها، إذ يتعذر مقارعة «الثور الأميركي الهائج» على حد تعبير المستشار الأكبر لجمال عبد الناصر.
إنها أميركا…
التي يصل فيها ممثل ادوار ثانوية غير بارز (رونالد ريغان) الى رئاسة الجمهورية ليصبح أحد أعظم الرؤساء في تاريخها.
إنها أميركا…
البلد الوحيد في العالم الذي يستطيع رئيسه أن يتوجه في خطاب القسم الى الشعب الأميركي «وجميع شعوب العالم»، كما استهل دونالد ترامب حديثه أمس.