IMLebanon

عكس شعار كلينتون : انها السياسة يا غبي

 

المشهد بالغ التعبير عن عمق الأزمة وعقم الحسابات لدى حراسها: المجتمع المنتج يصرخ امام جدران النادي السياسي المستهلك للبلد. والنادي المفتوح لكل الصراعات والخلافات الداخلية والخارجية، الشخصية والفئوية، الطبيعية والمفتعلة، مغلق على التسويات. فالوطن الصغير خسر القدرة على ما كان ماركة مسجلة للنخب السياسية فيه: ايجاد المخارج من المآزق في كل الظروف وحتى خلال الحرب. والسبب ليس فقط كون المآزق الحالية كبيرة ومتعددة وطنيا وسياسيا واقتصاديا، وداخل مآزق اقليمية جيوسياسية وأمنية تدار دوليا، بل ايضا كون التركيبة السياسية، مع استثناءات محددة، مندفعة بحسابات صغيرة ومدفوعة بحسابات خارجية كبيرة.

والعادة في الأزمات السياسية ان ترتفع داخل الهيئات الاقتصادية اصوات تطالب بما هو نقيض النظريات والممارسة العملية: تحييد الاقتصاد عن السياسة. فليس هناك اقتصاد خارج السياسة. ولا معنى لسياسة خارج التأثر بالاقتصاد، على ما عبر عنه كلينتون بشعار: انه الاقتصاد يا غبي. ولا مجال لتغطية الازمة الاقتصادية بحجة ان الحديث عنها هو سلاح في الصراع السياسي المفتوح.

ومن الطبيعي ان يتغير التوجه بالتبدل الدراماتيكي في الوضع. ليصبح الشعار: انها السياسة يا غبي. فالازمة الاقتصادية دخلت مرحلة الخطر، لا وسط ازمة سياسية بين اطراف سلطة عاملة في دولة بل على حافة الانهيار في مواجهة مخاطر مصيرية: الجمهورية بلا رئيس منذ اكثر من سنة.

المجلس النيابي الذي فشل في انتاج قانون انتخاب فكافأ نفسه بالتمديد معطل عن العمل. ومجلس الوزراء مشلول. وهذا ما دفع الى تلاقي الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام ونقابات المهن الحرة وممثلي المجتمع الاهلي والمدني، وقاد الى المطالبة بالعمل السياسي من اجل امور كثيرة بينها السعي لانقاذ الوضع الاقتصادي.

واذا كان مختصر اجتماع البيال هو نداء ٢٥ حزيران: لقرار ضد الانتحار، فان ضمان القرار يحتاج الى نشاط اكبر وأوسع. لا بل ان في الوسط السياسي المسؤول وغير المسؤول من يتصرف على اساس ان الاخطار والفراغ والصراعات السياسية هي رأسمال مهم له، وان توظيف هذا الرأسمال هو الذي يمنع وصول لبنان الى الانتحار السياسي والاقتصادي. أليس خطاب التركيبة السياسية خطاب مزايدات في الدعوة الى ملء الشغور الرئاسي وتحريك العمل في المجلس النيابي ومجلس الوزراء؟ أليس ما نسمعه من بلدان المنطقة والعالم، وبينها من يعطل اللعبة الديمقراطية، هو ضرورة المسارعة الى انتخاب رئيس؟

نقطة القوة والضعف معا هي ذهنية الايمان الطوباوي بأن لبنان له من يرعاه ويمنع الآخرين من قتله ويمنعه من الانتحار.