IMLebanon

إنها الثورة

 

يوم بعد يوم يتأكد للبنانيين أن البلد ذاهب إلى الهلاك، ما دامت الطبقة السياسية التي أوصلته إلى هذه الحالة تتربع على الحكم. ويوم بعد يوم، تتسع رقعة المطالبين بإزاحة هذه الطبقة، وإحالة كل أعضائها إلى المحاكمة العادلة واسترداد أموال الدولة التي نهبوها على مدى عشرات السنين الى أن طفح كيل الشعب ونزل إلى الشارع بكل طوائفه ومذاهبه داعياً هذه السلطة إلى الرحيل. انها ثورة الشعب على جلاديه، وعندما يثور الشعب كما هو الحال اليوم، فهو لن يتراجع إلا بعد إسقاط هذه السلطة، ومحاسبتها على ما ارتكبته من مآسٍ وموبقات.

 

وعندما نقول الطبقة لا نقصد فقط السلطة الاجرائية، بل السلطات الأخرى التي تغطي موبقات تلك السلطة، بدلاً من محاسبتها وازاحتها عن الحكم لتأتي سلطة جديدة نظيفة الكف، تحترم شعبها، ولا تستخدمه معبراً لاستغلال الدولة وتوظيفها لتحقيق المصالح والمآرب على حساب المصلحة العامة، ونقصد بالسلطات الأخرى، السلطة الرقابية أي مجلس النواب الذي انتخبه الشعب، لكي يراقب السلطة الاجرائية، ويحاسبها عندما تنحرف عن الخط المستقيم.

 

الشعب قال كلمته: نريد إسقاط النظام، وزج كل أربابه في السجون بعد محاسبتهم على موبقاتهم واسترداد أمواله المنهوبة وهو لن يتراجع ولن يستكين قبل أن يحقق هدفه ويقتص من مغتصبي حقوقه ورزقه. وعندما يقول كلمته يصبح كل شيء، متاحاً ومسموحاً، ولا يُمكن لأحد أن يقف في طريقه، مهما بلغ من قوة فالشعب هو صاحب القرار الأول والأخير، وقد اتخذ قراره بالثورة حتى رحيل هذه الطبقة التي زرعت الفساد في كل زاوية واستباحت أمواله وكرامته، لتبني القصور على حساب عذاباته وأوجاعه، ولا مجال أمامه الا الاستمرار في ثورته حتى تحقق كل أهدافها، أوليست الأنظمة في خدمة الشعب، ومن أجل توفير كل مستلزمات العيش الكريم، ثم أوليس هو صاحب القرار الأول والأخير في تقرير مصيره؟

 

نعم الشعب قال كلمته انها الثورة على الظلم والقهر والتجويع، والإفقار، نعم انها الثورة على مصاصي دمه وسرقة أمواله، نعم انها الثورة على تلك الفئة التي أعمتها السلطة عن التطلع إلى حاجاته، ومشاكله فاستغلت السلطة لتحقيق مآربها بدلاً من أن تكون في خدمة الشعب، ومن أجل الشعب الذي أوصلها إلى ما وصلت إليه. نعم انها ثورة الشعب لاسترجاع ما سلب منه، تحت عناوين وشعارات طائفية وغير طائفية، وهو لن يتراجع، ولن يستكين قبل أن يستعيد كل ما سلب منه تحت هذه العناوين، نعم انها ثورة الفقراء في وجه مصاصي الدماء نعم انها ثورة المقهورين في وجه أولئك الذين يتمتعون بقهره، ويتلاعبون بمصيره، نعم انها ثورة العمال والمزارعين الذين حجبوا عنهم بجشعهم وعهرهم مورد رزقه وتركوه في الشارع يتضرع جوعاً ولا من يسمع.

 

وإذا كانت هذه الطبقة السياسية المتمسكة بالسلطة، تعتقد انها ما زالت قادرة على لجم الثورة التي أطلقها هذا الشعب، تكون قد أخطأت التقدير وما عليها إلا أن تنتظر مصيرها الأسود الذي أصبح على الأبواب.