Site icon IMLebanon

الجرّة انكسرت بين جعجع والحريري

بات نواب ومسؤولو تيار المستقبل والقوات اللبنانية مربكين الى ابعد الحدود، حين يُسألون عن العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، فيختارون الكلام المنمّق دائماً وغير المفهوم، كالقول «لا خلاف بين الحريري وجعجع، بل تباين في وجهات النظر فقط كما يقولون. لكن المعلومات تؤكد عكس ذلك، اذ ان هوة الخلاف الى إتساع وتفاقم، وبالتالي فالاتصالات التي جرت بين الزعيمين لم تؤد في اي مرة الى حصول توافق سياسي، فالجرّة السياسية على ما يبدو إنكسرت بينهما، ولم تعد الوساطات تؤثر، بحسب ما تشير مصادر سياسية مطلّعة ترى أن كل تصريحات نواب المستقبل والقوات بأن التحالف بينهما استراتيجي، لم تعد تنفع، لان هذه الاستراتيجية خفّ وهجها كثيراً لا بل تخلخلت، خصوصاً ان ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة من قبل الحريري، بالنسبة الى القوات اللبنانية يعني ان هذه الاستراتيجية باتت في خبر كان، لان سياسته بعيدة كل البعد عن بنودها ، والامر عينه ينطبق على ترشيح الدكتور جعجع للعماد ميشال عون، وكل هذا بدا غير مفهوم لدى المصادر المذكورة، التي تعتبر أننا لم نعد نفهم على لغة الحريري وجعجع، التي إنقلبت 24 درجة بين ليلة وضحاها.

وتلفت المصادر الى ان الاختلاف بدأ بين الزعيمين منذ إطلاق مشروع القانون الارثوذكسي، ورفض مشاركة القوات في الحكومة، لكنه تفاقم مع دعم فرنجية للرئاسة، وإسكات اي صوت ضمن تيار المستقبل ينطق بموقف مغاير. فكان رد جعجع بالتحالف القوي مع عون، وهذا ما سنراه في الانتخابات البلدية ولاحقاً النيابية، مما يعني ان ترميم العلاقة بينهما بات صعباً جداً، لان التحالف القوي الذي ساد على مدى عشر سنوات بين الحريري وجعجع، قضى عليه فرنجية بثوان معدودة، على الرغم من ان دعمه من قبل الحريري لم يصل الى اي نتيجة، لان المبادرة لقيت معارضة شديدة من حلفاء فرنجية أي التيار الوطني الحر وحزب الله ، مؤكدة أن كل فريق سيبقى على رأيه ولن يحصل أي توافق، فيما المطلوب اليوم ولكي تعود الامور الى ما كانت عليه، النظر مجدداً في ترشيحهما لخصوم الامس، والبحث عن مرشح انقاذي مقبول من كل الاطراف. أي ورقة توافقية قد تساهم في ترميم الوضع، لكنها بالتأكيد لن ترجعه الى سابق عهده، لان ما يُكسر لا يمكن ترميمه كما كان، وفي هذه الواقعة إنكسرت جرّات سياسية كثيرة ضمن قوى 8 و 14 آذار، بمعنى ان الثقة تخلخلت بين كل افرقاء التحالفات السابقة.

واشارت المصادر الى التصريح الذي اطلقه الحريري قبل ايام ، رداً على دعوة رئيس القوات له لدعم الجنرال عون لرئاسة الجمهورية وحشر حزب الله بالقول: «اسحب ترشيحك لعون وادعم فرنجية للرئاسة»، مؤكداً على تمسّكه بترشيح الاخير، وأنه لن يعمل على تعطيل البلد لكي يصبح رئيساً للحكومة، واذا اراد حزب الله سلّة في مسألة الاستحقاق الرئاسي فنحن نريد سلة في سلاحه»، مما يعني أن لا تراجع عن موقفه، ويقابله في ذلك موقف مماثل من جعجع، أي ان النكايات السياسية ستقضي على أي استراتيجية بينهما ،او بالاحرى قضت عليها وانتهى أي امل بإعادة التحالف، ونتيجة كل هذا القضاء نهائياً على روح 14 آذار، التي باتت مشتتة الى ابعد الحدود بفضلهما.

وختمت المصادر بأن الانتخابات النيابية المقبلة ستشهد خلطات غريبة عجيبة، وسوف تصدم الجميع، لان كل الشعارات التي عايشناها اصبحت في مقلب آخر، وبأن حلفاء الامس سيُصبحون بالتأكيد خصوم الغد.