عتب على عون وتياره في كسروان وجبيل: باعوا الشعارات
سبع لوائح في كسروان – جبيل، تبحث اليوم عن المواطن. والمواطن، قلق على مصير لقمة عيشه. جرّب الثورة ليحسّن من ظروف عيشه، التي تتدهور يوماً بعد يوم مع تفكك اوصال الدولة، ومع اقتراب أيار يتحضّر للانتخابات. كيف هي أجواء الشارع في جبيل – كسروان؟
لو توحد المجتمع المدني، او كل من شارك في الثورة في لائحة واحدة واضعين استراتيجية واحدة للانتصار على كل حلفاء «حزب الله» في كسروان، لقلنا إن الثورة انتصرت على السلطة المهيمنة. هذا لسان حال وتمني المواطن الصالح الكسرواني الذي لا ناقة له ولا جمل بكل التجاذبات السياسية والاصطفافات. لكن الواقع عكس التمني، حتى لو بدّلت الازمة الاقتصادية من رأي بعض محازبي «التيار الوطني الحرّ»، فاقتنعوا ان هناك خللاً ما باستراتيجية الحزب العامة وقرروا المحاسبة عبر الاقتراع، الا ان هناك رأياً آخر عاتباً على حارس بكركي، أي فريد هيكل الخازن، باعتباره حليف الوزير السابق سليمان فرنجية.
تفرز الأصوات نفسها في الشارع ويصبح المواطن أذكى واصدق من أي محلل سياسي على شاشة التلفاز، فيقيّم، مثل «نعيم»، تجربة «التيار الوطني الحر» السابقة في فوزه بالانتخابات، رابطاً ذلك بما قدمه نعمت افرام من دعم شكّل رافعة للائحة، ولكن خلال السنوات الأربع الماضية كانت النتيجة الفشل على صعيد كسروان – جبيل والدولة.
إلا ان رأيه ليس وليد اليوم، هو يرى ان مؤسس «الحر» أي الرئيس ميشال عون لم يعمل يوماً من دون التعاون والمساومة مع سوريا بشكل او بآخر، وتضخم حجمه مع الزمن ولعبة المصالح أوديا بنا الى المرحلة التي وصلنا اليها على حد توصيفه، أي قمة الذوبان بين «حزب الله» (حليف سوريا) وعون. وبناء الخطاب السياسي في كسروان – جبيل على «محاربة الاقطاع»، بنظر نعيم، خطاب بائد، فالذين يسميهم بـ»الاقطاع» هم من عمق المنطقة، يعرفون المنطقة زاوية وزاوية، في حين ان «التيار» يتكل على ماكينته الانتخابية، ولا توجد لديه رؤية مناطقية في خط مواز مع الرؤية الوطنية، فرأينا العجائب.
لا يعني نعيم ان من يلقبونه بـ»الاقطاعي» أكثر تجذراً بكسروان من محازبي «التيار»، لكن هناك نظرة عامة للذين يرثون العمل المناطقي – السياسي فيحصدون حيثياتها من كسروان للإنطلاق، آخذين بالحسبان المصالح الزراعية، المهن الحرة، الوظائف، العلاقة بالدولة، الوظائف في القطاع العام، حالة الجامعات والمدارس، ويعرفون ان ادارة هكذا تنوع من دون أي وجود للتعايش هي مجرد «كذبة» على الصعيد الوطني. سيصوت نعيم للنائب السابق منصور غانم البون، وهو راضٍ عن تحالفاته الحالية، متشبثاً بفكرة انه لو كان قد تحالف في هذه الدورة مع «التيار الوطني الحر»، لما كان قد اقترع له هو وكل عائلته.
وضوح المزاج الشعبي لدى البعض، يقابله تشتت في مكان آخر وذلك وليد «الغبن» المنتشر لدى شريحة كبيرة في دائرة جبيل كسروان، وهذه ناتجة من وجهة النظر التي تركز على ان هناك سيطرة كاملة للشخصيات مع اوزان سياسية، كما تلك التي تمتلك مالاً، على الحياة السياسية وفق جان صفير، مما يمنع نمو أي بذور لشخصيات من الثورة او مستقلة تريد ان تعطي جديداً. الحماس المنعدم يعلله طارق بالقانون الانتخابي الخاطئ الذي يبدّي مصلحة الطبقة السياسية المتفقة على الخطوط العريضة بين بعضها البعض، على مصلحة المواطن. ويتحدّد الخيار بين أسماء تتبدل، دون ان تغيّر في النهج فتكون النتيجة محسومة مسبقاً، تاركاً خيار المصارعة والتشرذم بين أبناء المنطقة الواحدة على هوية الحائزين على الحواصل، مما يعزز الشرخ في المنطقة الواحدة.
خوف طارق ان يتحول مشهد المجتمع المسيحي الى مشهد يشبه تحالف «حزب الله» وحركة «أمل»، فتتحدد الخيارات باللعبة الديمقراطية مسبقاً، على قاعدة موقف سياسي يناسب الأكثرية غير الفعالة والفاشلة التي لا توظف الكفاءة. ومن هنا دور البطريرك الراعي ودعوته إلى الحياد، الذي يكسر الجمود ويفكك المصلحة بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر»، ليتكون مشهد غريب عجيب في كسروان مفاده «غطت ندى البستاني، طار روجيه عازار». يعوّل الصوت الكسرواني على البطريرك بشارة الراعي كثيراً، مع اتكال «التيار الوطني الحر» على القاعدة الشعبية الحزبية، والمؤلفة من عائلات من فتوح كسروان. تسأل، ماذا عن خرق نعمت افرام لهذا الواقع؟ لا تفارق كلمة آدمي لسان ايلي، لكن الناس ينظرون اليه كصاحب شركات توظف الكثيرين من أبناء المنطقة، فتارة ينقلبون عليه، او يناصرونه، ومن هنا تأتي قدرته التجييشية.
إنعكاس التحالف بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» لا يتمظهر مباشرةً بوجود مسلح بشكل ظاهر، كما في مناطق نفوذهم، لكن يأخذ منحى خلافياً بين الانسان الكسرواني المتجذر في لاسا، وبين الذين يستولون على الأرض والاوقاف المسيحية، فيتحول اللبنانيون الشيعة هناك، الى ضيوف «ثقال» على حد تعبير لوريس. ترفض مسّ فكرة «التنوع»، فالمسألة ليست تميزاً طائفياً فلبنان للجميع لكن هناك «حق عقاري واضح». وضياع الحق هذا وظهور بذور الخلاف كل فترة، سببه بنظر إيدي ان الدكتور فارس سعيد يغرّد وحيداً مع الكنيسة التي لا شيء يعلو فوق كرامتها، حتى لو كان تسونامي. هنا جويس (من زحلة تزوجت من كسروان) تنقض فكرة التسونامي من أساسها، دون ان تشكك بوعي المواطن الكسرواني الذي خدع بشعارات «الشرعية، السيادة، الإصلاح، التغيير»، التي اعتنقها «التيار الوطني الحر». وبالمحصلة: استفاد كل اخصام هذا الحزب في كسروان – جبيل، حتى من الصف الواحد، من منطق التقادم وهي قاعدة قانونية تشير الى مرور الزمن، والذي توضّح مع تولي عون السلطة، فرغت هذه الشعارات من مضمونها خصوصاً أن الرئيس عون لا يتوقف عن استثمار الأصوات التي انتخبته مع حلفه. وأحد المشاهد لاستغلال النفوذ، عندما اعلن من الفاتيكان ان سلاح «حزب الله» يحمي اللبنانيين.
عتب جويس كبير على الذين «جلسوا» في لائحة عون سابقاً، حتى لو انسحبوا وقالوا إنهم صاروا مع الثورة، وتصفهم بالـ»مدّعين» سائلة: ألم يتعلموا من تجربة الزمن، بان هذا الحزب، يعد بشيء لينفذ العكس؟ مما فاقم السرطان في كسروان مع عدم معالجة دواخين الذوق، وسلب المناطق المسيحية، وهي الوحيدة الملتزمة بمنطق الدولة ودفع الضرائب من حقوقها وليس هناك من مشاريع تنموية، فتذهب هذه الأموال، بحجة اللامركزية «الوهمية»، الى غير كسروان او تلك المناطق التي تتبع الانتظام العام دون النظام. والخلاصة، انخفضت معدلات الخلافات بين المواطنين بسبب توزع الثوار او مناصري الثورة على اكثر من لائحة، والمدهش، ان المواطن العادي، تدرّب بفعل الحرب الاهلية على إدارة التنوع، على الرغم من شد العصب المناطقي لـ»التيار الوطني الحر» الفاشل، لتبقى بكركي وحدها فوق السياسة، والطائفية.