Site icon IMLebanon

إنتخابات جبيل… انتهت قبل أن تبدأ؟

 

لا يختلف الوضع في جبيل عن بقيّة البلدات، فهذه المدينة التي تعتبر بوابة جبل لبنان ومدخله من جهة الشمال، شكّلت إنتخاباتها البلدية عام 2010 مفاجأة من العيار الثقيل، فبعد فوز «التيار الوطني الحرّ» عام 2009 في مقاعد جبيل النيابيّة الثلاثة، أتت النتائج البلدية لتشكل إنتصاراً للرئيس الحالي زياد الحوّاط و«القوّات اللبنانية» وقوى «14 آذار» وبعض العائلات الجبيليّة، فخسر «التيار» معركة في كبرى مدن جبل لبنان.

إنقلب المشهد بعد 6 سنوات، فما كان مفاجأة من العيار الثقيل حينها، لم يعد كذلك اليوم بل أصبح العكس، إذ إنّ خسارة الحوّاط وحلفائه ستُعدّ أمراً غريباً خصوصاً بعد الإنجازات التي حقّقتها المدينة في عهده بعدما تربّعت على عرش السياحة اللبنانيّة والعربيّة، في وقت كان بعض المناطق يغرق في الحروب المتنقّلة والمشكلات الأمنيّة.

الناخبون

يبلغ عدد المسجّلين في لوائح القيد في مدينة جبيل 8823 ناخباً، يتوزعون على الشكل الآتي: موارنة: 6139، أرمن: 1047، شيعة: 597. سنّة: 546، روم أرثوذكس: 217، روم كاثوليك: 180، سريان: 18، لاتين: 49. كلدان: 23، انجيلي: 21، وآشوري: 3. علماً أنّه وفي انتخابات 2010 اقترع 4932 جبيلياً. ومن المتوقّع أن يصل عدد الناخبين هذا العام وفق أوساط جبيلية الى 6000 ناخب، إذا كانت هناك معركة جدّية.

يتألف المجلس البلدي في جبيل من 18 عضواً، ما يسمح بتمثيل أكبر شريحة من العائلات والقوى السياسيّة، ومن المرجّح أن يصوّت نحو 4800 ناخب ماروني، و1200 موزعين بالتساوي بين الأرمن والشيعة والسنّة. واللافت هو عدم وجود عائلات كبيرة طاغية في جبيل بل مجموعة من العائلات أبرزها: الحواط، الشامي، قرداحي، صليبا، صفير، الحاج، بيلان، زغيب، وخوري.

العصب «الكتلاوي»

مَن يسمع أحاديث الجبيليين وخصوصاً كبار السن، يخال نفسه انه في خمسينات وستينات القرن الماضي. إذ إنّ التغيّرات التي طرأت على الساحة المسيحية، لم تغيّر من المشهد القائم في المدينة، فالعصب الكتلاوي موجود وبقوّة، على رغم إنتقال بعض «الكتلاويين» الى صفوف «التيار الوطني الحر» وانكفاء آخرين، وهذا العصب يعبّر عنه آل الحوّاط، بعدما كان جان الحواط أميناً عاماً للكتلة، وهناك أيضاً مَن لا يزال متأثراً بالنهج الشهابي، بالإضافة إلى فئة مهمة تنتمي الى «التيار الشمعوني».

حتّى الساعة، لم تظهر أيّ بوادر لمعركة محتدمة في جبيل، إذ إنّ التشابك العائلي- السياسي، والخدمات التي يقدّمها رئيس البلدية زياد الحوّاط وضعته في الطليعة حسب الجبيليين الذين لمسوا الإزدهار الذي حققته مدينتهم الفينيقيّة في عهده، ولم يظهر أيّ شخص طيلة السنوات الماضية على أنه سيكون منافساً له في الإنتخابات المقبلة.

التحالفات

امّا الجديد الذي دخل على الإنتخابات البلدية، فهو التحالف بين «القوّات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» بعد مصالحة معراب، لكنّ هذا التحالف له حساباته الجبيليّة، إذ إنّ الحوّاط زار معراب منذ ايّام مؤكداً التحالف مع «القوّات اللبنانية»، ما صعّب مهمّة العونيين لجهة تحصيل النقاط معه.

فلو ذهب «القوات» و«التيار» الى التفاوض مجتمعين، لكان «التيار» في موقع قوّة، لكنه الآن لا يستطيع خوض المعركة منفرداً في وجه حليفه الجديد ورئيس البلدية، خصوصاً أن المنافس المحتمل، أي رئيس البلدية السابق جوزف الشامي، أعلن تأييده الحوّاط حسب تأكيد الأخير.

يتنقّل الحوّاط في جبيل حاصداً الدعم تمهيداً لمعركته الإنتخابية، وهو يعتبر أنّ مجرّد خرق لائحته وعدم تحقيقه تقدّماً مقارنة بالمعركة الماضية التي حصد فيها 3000 صوت، فهذا سيعني خسارة بالنسبة إليه، حتّى لو لم تنافسه لائحة قويّة.

تحضيرات الحواط تظهر جليّاً في مكتبه الإنتخابي الذي هو كناية عن منزل قديم معقود الحجارة يشبه طراز المدينة الأثريّة. ويخال مَن يدخله أنه يقصد مكتب نائب جبيلي نظراً لعدد الناس الذين يزورونه طلباً لخدمات يُفترض أن يؤمّنها نوّاب المنطقة، لكنّ تاريخ آل الحوّاط في المدينة، ومسيرتهم مع حزب «الكتلة الوطنيّة» سمح له بتشكيل مرجعيّة مستقلّة.

التجانس

بين «عجقة» المواعيد وهواتفه التي لا تهدأ، يستقبلك الحوّاط حيث يتكلّم بثقة عن المعركة المقبلة، ويؤكد بداية تحالفه مع «القوّات اللبنانية»، «وهذه ثابتة لا يستطيع احد تخطيها». ويشدّد على أنه «وضع يده في يد الدكتور سمير جعجع وسنستمرّ إلّا إذا أرادت «القوات» تبديل موقفها».

أما الثابتة الثانية في مواقفه فهو رفضه تأليف لائحة تكون عبارة عن حصص وبلديات داخل البلدية، «لأنّ الأساس هو تأليف مجلس بلدي متجانس، ولا مساومة على هذه النقطة لأننا نريد تحقيق الإنماء لا أن نتقاتل داخل البلدية».

يركّز الحوّاط على الحال السياسية التي خلقها في جبيل وثقته بالناخب الجبيلي، «فنحن قوّة موجودة بغض النظر عن القوى الأخرى، وتاريخنا يشهد على ذلك، وسنخوض المعركة البلدية وننتصر، فلا مجال للتراخي مهما كان الخصم، والجميع شركاء».

يؤكد الحوّاط أنّ الشيعة مكوّن جبيلي غير منفصل عن بيئته، «وبالتالي فإنّ التمثيل هذه المرّة سيكون بإعطاء مقعد للسنّة ومقعد للأرمن ومقعد للشيعة و15 للموارنة»، كاشفاً أنّ بوادر اللائحة ستظهر خلال الأيام العشرة المقبلة، مشدّداً على أنه يحاور الجميع ومن ضمنهم «التيار الوطني الحر»، ومَن يريد أن يتحدّث معه فمكتبه مفتوح.

ينتظر الجميع إقتراب ساعة الصفر لإطلاق المعركة الإنتخابية، وسط تأكيد الحوّاط أنّ لديه حلفاء في كلّ بلديات جبيل، وعمله لا يقتصر على المدينة. وعلى رغم التحالف بين «القوات» و«التيار»، يبدو أنّ «القوات» تريد احترام خصوصية كلّ مدينة، وترفض التضحية بحلفائها من أجل خوض معارك ضيّقة.

«القوات» و«التيار»

ينظر القواتيون في جبيل الى المعركة المرتقبة بإرتياح، إذ يؤكد منسق الحزب في المنطقة شربل أبي عقل لـ»الجمهورية» أنّ «تحالفنا مع الحوّاط دائم وهو قائم على مشروع إنمائي للمدينة، ونحن متفقون معه ولا نبحث عن حصّة داخل المجلس البلدي، ونؤيده في رغبته بتأليف فريق بلدي متجانس يعمل لإنماء المدينة»، معتبراً أنّ زيارته الى جعجع «حسمت التحالف».

من جهته، لا يظهر «التيار الوطني الحرّ» حتّى الساعة أيّ نيّة في خوض معركة إنتخابية طاحنة، إذ يوضح وفق منسّقه العام في قضاء جبيل طوني بو يونس أنه يعطي الفرصة للتوافق والحوار مع الحوّاط، «وإذا نجحت الأمور نكون قد خطونا خطوة جيدة في الإتفاق».

لكنّ بو يونس يشدد في المقابل على أنّ الحوار مع الحوّاط «لا يعني أننا سلّمنا بأمر البلدية له، ونحاول الحصول على حصّة اكبر، لذلك نقول إنّ كلّ الإحتمالات مفتوحة».

وهل ستحرجهم المعركة بعد تحالف الحوّاط مع «القوات»، يقول: «لكلّ حادث حديث، وسنُعلم «القوات» بكلّ تأكيد بما سيجري بعد قرار القيادتين بالتحالف في الانتخابات البلدية».

قد تشكّل الإنتخابات البلدية والاختيارية مناسبة ليُعبّر الجبيليون عن خياراتهم السياسية الإنمائية على رغم أنّ المفاجآت غير المتوقعة قد تظهر في أيّ لحظة، وقدّ تشكل الانتخابات من جهة أخرى مناسبة لتحديد الصورة على صعيد الزعامات المارونية الحالية والمستقبلية، لكنّ الجواب يبقى رهن «الصندوقة».