بعد غياب عن جبيل، قرر«الجميليان»، نديم وسامي، إدخال القضاء في خريطة التنافس بينهما. أكثر الأول من زياراته للقضاء، فردّ الثاني باقفال الطريق أمام ابن عمه، ويعمل على تعيين رئيس جديد لاقليم جبيل الكتائبي، بعدما خرج الرئيس السابق من تحت عباءته
كاد النائب سامي الجميل، في الأشهر الأخيرة، يخطف الأضواء من والده الرئيس أمين الجميل، رغم أن الأخير هو مرشّح الحزب الى رئاسة الجمهورية: جولات شعبية على المناطق الكتائبية الحدودية، وزيارات للأقطاب الموارنة، وزيارة للمملكة العربية السعودية لـ «التباحث»، عشية التمديد الأخير للمجلس النيابي، لكن هذا الحراك الذي استقطب حفاوة كتائبية وثناء على دينامية النائب الشاب، لم يخف مشكلات حزبية داخلية بدأت تخرج الى دائرة الضوء.
آخر هذه المشكلات استقالة مسؤول اقليم جبيل الكتائبي المقرب من الجميّل الابن، روكز زغيب. الأخير كان قد علق استقالته غداة زيارة الجميل الى جبيل في 12 الشهر الماضي، لكنه عاد وأصر عليها، بعد توتر العلاقة بينه وبين «الشيخ سامي». ولم تنجح محاولات الأمانة العامة في الحزب في ثني زغيب عن قراره، لذلك يتوقّع أن يعقد الجميل لقاء في بكفيا اليوم مع حزبيين جبيليين للبحث في موضوع الاقليم وايجاد خلف لزغيب.
ولاقليم جبيل أهمية كتائبية منذ أيام الحرب الأهلية، فهو كان ممراً للمقاتلين من مناطق الشمال واليها، ولكن مرّ زمن طويل على اهمال قيادة الصيفي له، شأنه شأن العديد من الأقاليم، ما أدى الى تزايد النقمة على قيادة الصيفي، وارتفاع عدد المنكفئين عن العمل الحزبي، وتقديم زغيب استقالته. هنا، ضرب غريم سامي، النائب نديم الجميل، ضربته الموفقة: الصيف المنصرم زار مناطق القضاء ثلاث مرات آخرها مطلع الشهر الماضي، فاستقبل من الحزبيين الناقمين بحفاوة وصلت أصداؤها الى أسماع سامي، ولم تقع عليه برداً وسلاماً. دُق ناقوس الخطر في «مقر الشيخ». بعث الى كتائبيي جبيل برسالة ليل الثلاثاء،11 تشرين الثاني الماضي، مبلغا اياهم بأنه سيزور الاقليم في اليوم التالي. وهكذا حصل.
كان متوقعاً أن يبحث سامي في زيارته الجبيلية في المصاعب التي يمر بها الاقليم، وخصوصاً أن الأمين العام للحزب ميشال خوري رافقه في جولته. جلس زغيب الى زائرَي القيادة على المنصة نفسها، وانتظر، من دون جدوى، أن يبت الجميل وضع الاقليم ووضعه، ولكن، على مدى ساعتين ونصف ساعة، وفي حضور نحو 200 حزبي، تحدّث الجميل في كل الأمور: تكلّم عن الحياد في السياسة، والثنائية بين القوات والتيار الوطني الحر التي «أثبتت عدم فعاليتها». تحدّث عن الانتفاضات القواتية من دون أن يسمّيها. وحده الوضع المحلي الجبيلي ومشاكل الاقليم غُيّبت عن اللقاء ولم يتم التطرق اليها. تجاهل الجميل هذا زاد في انزعاج الحزبيين، وفي مقدمتهم زغيب.
طوال سنوات ولايته التي لامست الخمس، كان زغيب «قريباً من سامي. وهو كان ناجحاً على الصعيد المهني ما ساهم في تطوره الحزبي»، بحسب مصادر كتائبية. وقد انتسب زغيب الى الحركة التصحيحية وكان عضواً في المكتب السياسي، «لكن قربه من الجميع لا يعني أن الأمر كان يخلو من انتقادات تجاهه». وتوضح المصادر أن وضع الاقليم ليس وحده سبب «حرد» زغيب، مشيرة الى أن الترشيحات الى الانتخابات النيابية قبل إقرار التمديد للمجلس كانت السبب الاساسي لتقديمه استقالته. فهو، بحسب المصادر، «انزعج من تقديم الكتائبي طنوس قرداحي ترشيحه من دون استشارته»، علما أن خطوة قرداحي كانت فردية ولم تأت بقرار حزبي.
في المقابل يبدو أن سامي قرّر طيّ صفحة «الرفيق» زغيب. اللقاء الذي سيعقده اليوم هدفه ايجاد بديل لرئيس اقليم جبيل لا تسوية وضعه. واستنادا الى المصادر، سيعين جوزف باسيل لاكمال ولاية سلفه الباقي منها سنة واحدة. وباسيل هو مسؤول اقليم سابق ومسؤول العلاقات العامة في بنك بيبلوس.
في زيارته لجبيل الشهر الماضي، أسرّ «الشيخ سامي» لبعض الكتائبيين عن رغبته في «اعادة تركيز اهتمامه على جبيل». تجلّى ذلك، أولا بالغاء قيادة الصيفي لزيارة «ابن العم» نديم التي كانت مقررة في 16 تشرين الثاني الى القضاء بحجة «الظروف الأمنية». وثانيا، بتنظيم لقاء مع نحو 100 من شباب جبيل الكتائبيين، في حضور مسؤولهم أنطوان باسيل… ولكن في بكفيا لا في جبيل! الناقمون يقولون إن مشكلة سامي الأساسية في جبيل أن كتائبييها لم «يبايعوه». يريدون أن يكونوا جزءا من القرار الحزبي، والا «فلا شيء لدينا لنخسره».