Site icon IMLebanon

عدّاد الإصابات يتزايد… هكذا تُواجه جبيل!

 

الحَجر المنزلي الوقائي لمدة 15 يوماً، هو السبيل الوحيد لمنع تفشّي وباء «كورونا» في لبنان في هذه المرحلة، بحسب الجهات المعنية. وعلى رغم أنّ قضاء جبيل برز باتخاذه الإجراءات الوقائية اللازمة قبل صدور أيّ قرار من الحكومة، تمكّن الفيروس من اقتحام البوابة الجبيلية. وحتى الآن لم يتوقّف تفشّي العدوى في القضاء، الناتج من الاختلاط والاحتكاك بحالات مصابة مرتبطة بمصدرين رئيسيين.

إستبقت جبيل قرار الحكومة وأعلنت حال الطوارئ الشعبية المحلية، منعاً لانتشار وباء «كورونا»، فتوقّف «السَهر» وفرغت الأسواق والمعالم الأثرية والسياحية. هذا الالتزام في المدينة الفينيقية التي تُشكّل الشريان الإقتصادي والسياحي للقضاء، إنسحب لاحقاً على كلّ القرى والبلدات فيه.

 

وعلى رغم «الالتزام»، يواجه قضاء جبيل خطر تفشّي العدوى التي ما زال انتقالها محصوراً بمصدرين. وسُجّلت في اليومين الأخيرين إصابات جديدة بفيروس Covid-19، ليبلغ عدد المصابين في القضاء 25 شخصاً (توفي 2 منهم)، 13 منهم من أبناء جبيل، والبقية من الساكنين أو العاملين في القضاء، حسب ما كشف النائب سيمون أبي رميا لـ»الجمهورية».

 

وتُظهر الخريطة البيانية لنسبة الحالات المُصابة من سُكان الأقضية، التي تنشرها وزارة الصحة العامة، أنّ لتاريخ أمس شكّلت نسبة المُصابين من سُكان جبيل نحو 14 في المئة من النسبة العامة للمصابين في لبنان. ويحلّ قضاء جبيل في المرتبة الرابعة لجهة عدد الحالات المصابة في الأقضية اللبنانية، وذلك بعد كسروان والمتن وبعبدا وبيروت التي تتصدّر اللائحة، إذ تشكّل نسبة المصابين في العاصمة نحو 26 في المئة من النسبة العامة.

 

وفيما تَكثر الأخبار غير الرسمية المُتداولة عن عدد الحالات المُصابة، يُطالب أهالي جبيل بمزيدٍ من الشفافية، والكشف عن أسماء المُصابين، لكي يتّخذ كلّ من اختلط بهم الإجراءات اللازمة. لكنّ «نشر أسماء المُصابين غير مُمكن من الناحية الأخلاقية الطبية»، حسب ما تقول مصادر وزارة الصحة العامة لـ»الجمهورية»، ويعود هذا الأمر الى المُصاب.

 

ومثل اللبنانيين جميعاً، يَصحو أهالي جبيل يومياً على أخبار جديدة عن تفشّي الفيروس، تكون غالبيتها غير صحيحة. وجرى التداول أمس بإصابة طبيب اختلطَ بمصابين في جبيل، ويعمل في أكثر من مستشفى، ما أدّى الى حالة هلع. إلّا أنّ مصادر رسمية أكدت لـ»الجمهورية» أنّ هذا الطبيب أجرى الفحص المخبري لكشف الإصابة بكورونا، وكانت نتيجته سلبية.

 

ويقول أحد الأطباء المعنيين في جبيل لـ»الجمهورية»: قد يكون هناك «حالات صامتة»، لا يُمكن اكتشافها أو إحصاؤها، إذ إنّ عوارض الفيروس لا تظهر على هؤلاء المصابين، إلّا أنّهم ينقلون العدوى الى الآخرين، لذلك يجب ملازمة المنزل، فوحده الوقت كفيل في إظهار عدد المصابين الفعلي، وذلك ليس قبل أسبوعين». بدورها، تشدّد مصادر وزارة الصحة على أنّ هذين الأسبوعين هما الأخطر على صعيد انتشار الوباء، ولذلك اتُّخِذ قرار التعبئة العامة بدءاً من الاثنين الماضي، إنطلاقاً من توقيت علمي.

 

ولقد دخل هذا الفيروس العالمي الى جبيل، من خلال ابن بلدة عبيدات الجبيلية جان خوري الذي أتى في شباط الماضي من مصر، وتوفي لاحقاً. وكان خوري قد دخل مستشفى سيدة المعونات في جبيل جرّاء معاناته من عوارض «كورونا»، إلّا أن وزارة الصحة أكدت للمستشفى أنّه غير مُصاب بالفيروس، فمصر لم تكن مصنّفة من الدول الموبوءة. خطأ في التشخيص من المستشفى أو الوزارة أو الجهتين معاً، أدى الى نقل الفيروس الى مريض آخر توفّي بدوره لاحقاً، والى أفراد من الطاقم الطبي والتمريضي في المستشفى. كذلك، انتقل الفيروس في جبيل من خلال فتاة من آل عيسى من عمشيت آتية من لندن، نقلت العدوى الى والدها والى عدد من الموظفين في الشركة التي يملكها.

 

وفي سبيل مواجهة «كورونا»، شُكّلت «خلية الأزمة الجبيلية»، التي تتابع «كلّ شاردة وواردة». وتضمّ نواب جبيل: زياد حواط وسيمون أبي رميا ومصطفى الحسيني، رئيس اتحاد بلديات جبيل فادي مرتينوس، رئيس رابطة المخاتير ميشال جبران وقائمقام جبيل نتالي مرعي الخوري.

 

وتعمل الخلية على أكثر من مستوى، مثل متابعة تأمين مراكز للحجر وتجهيزها وتأمين الخدمات المناسبة للمصابين بإشراف لجنة محلية من الاطباء والاختصاصيين، وتحديد الحالات المصابة والتواصل مع المحيطين بها ومتابعة خضوعهم للفحص المخبري والحجر المنزلي.

 

كذلك، تتابع الخلية مع وزارة الصحة تجهيز مستشفى البوار الحكومي، وتسعى الى تجهيز مستشفى قرطبا الحكومي، إضافة الى التنسيق مع المستشفيات الخاصة في جبيل لكي تكون جاهزة عند الحاجة الى اللجوء الى «الخطة ب». وتسعى الى إجراء فحوصات مجانية للحالات المُشتبه بإصابتها من أهالي جبيل، وذلك في مستشفيات القضاء الحكومية والخاصة.

 

ويُواجه قضاء جبيل الأزمة الراهنة، عبر تفعيل اللامركزية وتوسيعها، فتتولّى كلّ بلدة مسؤولية درء «الخطر الكوروني» ضمن نطاقها الجغرافي. ولا ينحصر العمل بخلية الأزمة والبلديات، بل يشمل الرهبنة المارونية والمطرانية التي تقدّم مراكز للحجر الصحي، فضلاً عن «المُقتدرين»، ليُصبح القضاء بكامله خلية عمل متكاتفة. كذلك تمكّن «كورونا» من جَمع مَن فرّقتهم السياسة في جبيل، وأصبح عنوان العلاقة حالياً بين أحزاب «القوات اللبنانية» و»الكتائب اللبنانية» و»التيار الوطني الحر»، المتنازعة عادةً، هو «العمل والتطوّع والتنسيق» لمواجهة الخطر الداهم.

 

ويقول أبي رميا إنّ «أزمة كورونا» أكّدت 3 ضرورات: اللامركزية الإدارية، التعاطي المسؤول من قبل المعنيين والمسؤولين وتخطي الإعتبارات الضيقة والفئوية، والتضامن العفوي بين فئات المجتمع.

 

والى عمل الخلية، يؤمّن حواط، من خلال جهات متبرّعة، مساعدات غذائية على صعيد القضاء. ويُشدّد، عبر «الجمهورية»، على ضرورة الإفراج عن عائدات البلديات من الصندوق البلدي المستقل، «لأنّ البلديات هي اللاعب الأساس الآن لمواجهة خطر «كورونا». ويؤكّد حواط أنّ «جبيل ملتزمة»، لافتاً الى أن لا خروقات لقرار التعبئة العامة، إن على صعيد الأسواق والمؤسسات وإن على مستوى الجبيليين الذين يُلازمون منازلهم.