صادق مجلس النواب على قانون الشراء العام وصفّقت لذلك بعض الهيئات الدولية التي تضع لبنان تحت المجهر الإصلاحي، فيما لم يفاجئ “تكتل لبنان القوي” بقية الكتل النيابية حين أعلن رئيسه جبران باسيل عن نيّته اللجوء إلى الطعن فور صدور القانون في الجريدة الرسمية اعتراضاً على الآلية التي تضمّنها لتأليف هيئة الشراء العام.
يقول أحد النواب الذين شاركوا في صياغة القانون إنّ البنك الدولي ينتظر منذ مدّة صدور هذا القانون وهو يعدّ مسودات المراسيم التطبيقية ليبدأ العمل به سريعاً ولكي لا يبقى حبراً على ورق، خصوصاً وأنّ القانون يشكّل نقلة نوعية في أنظمة الصرف والمناقصات العمومية، مشيراً إلى أنّ مجلس النواب حرص على أن يكون القانون موضع التنفيذ منذ صدوره في الجريدة الرسمية بعد تضمينه أحكاماً انتقالية تحول دون حصول الفراغ خلال المدة الفاصلة بين صدور القانون ووضع المراسيم التطبيقية، ولكي لا تكون الورشة الاصلاحية أمام نموذج جديد من قانون الكهرباء الذي لا تزال هيئته الناظمة في الأدراج.
بالنتيجة، ثمة احتمالان ينتظران القانون في ضوء الاعتراض “العوني” عليه باعتباره تجاوزاً لصلاحية مجلس الوزراء في تعيين أعضاء هيئة الشراء العام:
إمّا يردّ رئيس الجمهورية ميشال عون القانون إلى مجلس النواب عملاً بالمادة 57 التي تنصّ على التالي: “لرئيس الجمهورية، بعد اطلاع مجلس الوزراء، حق طلب اعادة النظر في القانون مرة واحدة ضمن المهلة المحددة لإصداره ولا يجوز أن يرفض طلبه· وعندما يستعمل الرئيس حقه هذا يصبح في حلّ من إصدار القانون إلى أن يوافق عليه المجلس بعد مناقشة أخرى في شأنه، واقراره بالغالبية المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً”·
وإمّا ينتظر “تكتل لبنان القوي” صدور القانون في الجريدة الرسمية للطعن به أمام المجلس الدستوري بحجة تجاوز صلاحيات مجلس الوزراء في تعيين أعضاء هيئة الشراء. وهنا، يكشف أحد النواب الذين شاركوا في صياغة القانون أنّ العونيين طرحوا خلال مناقشات اللجان النيابية امكانية أن يكون للوزير حق اضافة بعض الأسماء على سلة الترشيحات التي سيرفعها مجلس الخدمة المدنية كما نصّت النسخة النهائية للقانون، إلا أنّ الاقتراح قوبل بالرفض ذلك لأنّ المطلوب هو وضع صيغة تتسم بالشفافية لتعيين أعضاء هيئة الشراء العام، مع العلم أنّ القرار النهائي هو لمجلس الوزراء الذي عليه الاختيار من بين سلّة المؤهلين الموضوعة أمامه، وهي مهمة منوطة بمجلس الخدمة المدنية.
ولذا يقول أحد المعنيين إنّه من المرجّح أن يوقع رئيس الجمهورية على القانون للطعن به في مرحلة لاحقة أمام المجلس الدستوري، ذلك لأنّ الفريق العوني متيقّن أنّ ردّ الرئيس للقانون يعني التصويت عليه من جديد في الهيئة العامة لأنّه يتمتع بالأغلبية الكافية. وبالتالي إنّ خيار الطعن هو المرجح، فضلاً عن أنّ هذا الفريق يعرف تمام المعرفة أنّ المجتمع الدولي يطالب لبنان بوضع هذا القانون موضع التنفيذ وبأسرع وقت ممكن، مع العلم أنّ المواكبين للقانون يؤكدون أنّ الطعن لن يكون لمصلحة العونيين كما حصل مع آلية التعيين، وثمة دراسات يتمّ التحضير لها للرد على الطعن المتصل بآلية تعيين هيئة الشراء العام.
ويذهب أحد المواكبين إلى حدّ التلميح إلى أنّ الفريق العوني قد يعتمد سياسة اللعب على حافة المهل الدستورية، فتبقي رئاسة الجمهورية القانون في دوائرها إلى حين ردّه قبل يوم واحد من انتهاء المهلة الدستورية، ليُعاد للتصويت عليه مرة ثانية في مجلس النواب قبل الطعن به أمام المجلس الدستوري، وكل ذلك من باب شراء الوقت والحؤول دون تحوّل إدارة المناقصات، برئيسها جان العلية، إلى هيئة شراء عام.
في هذه الأثناء، وفي حال صار القانون نافذاً، يفترض أن تتحوّل إدارة المناقصات تلقائياً إلى هيئة شراء عام، بعدما نصّ القانون على إلغاء الاولى فور وضع القانون موضع التنفيذ لتبدأ وضع المراسيم التطبيقية وإطلاق المنصة الالكترونية وتحضير الملاكات الإدارية بانتظار أن يقوم مجلس الوزراء بتعيين هيئة جديدة، على أن تكمل إدارة المناقصات بعد تحوّلها إلى هيئة شراء عام، عملها في المرحلة الانتقالية بانتظار الانتهاء من كل التحضيرات اللوجستية.