نجح “التيار الوطني الحر” في إبعاد جان العلّية عن هيئة الشراء العام، حيث سيوضع رئيس إدارة المناقصات، فور تعيين الهيئة من جانب مجلس الوزراء، بتصرّف رئاسة الحكومة على عكس بقية موظّفي إدارة المناقصات الذين سيصيرون وفق القانون موظفي هيئة الشراء العام، وذلك بفعل الطعن الذي تقدّم به “تكتل لبنان القوي” أمام المجلس الدستوري ببعض بنود قانون الشراء العام الذي جرى إقراره حديثاً، فردّ المجلس كل الطعن، باستثناء المادة المتعلقة بالبند الثاني من المادة 88 التي جرى تعديلها لكي “تطيح” بالعلّية…
ولكن إلى حين بدء تطبيق القانون، لا يزال الأخير رئيساً لإدارة المناقصات التي لجأ إليها وزير الطاقة د. وليد فياض، وعلى عكس سلفه ريمون غجر، لإطلاق مناقصات لتأمين الفيول لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، بعدما كان الأول يستعين بآلية العقود الفورية أو الـspot cargo لتأمين الفيول بعد انتهاء العقد الموقّع مع “سوناطراك”.
وبالفعل، وجّه المدير العام لإدارة المناقصات أمس ثلاثة كتب الى وزارة الطاقة والمياه، حدد فيها مواعيد 3 مناقصات لشراء مادة الفيول اويل لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، وهي /30.000 / طن متري من مادة الفيول اويل (A)، /35.000/ طن متري من مادة الفيول اويل (B)، و/35.000/ طن متري من مادة الغاز اويل، وذلك بعد ايداع الوزارة نسخة عن دفتر الشروط الخاص، المختوم من قبل إدارة المناقصات، والذي ستعتمده لجنة التلزيم، لتوزيعه على العارضين.
وهذه المناقصات الثلاث سيتمّ تمويلها من سلفة الـ100 مليون دولار التي أقرتها الحكومة في جلستها الأولى وجاءت على شكل “استقراض” كلفت وزير المال تأمينه من مصرف لبنان، مع العلم أنّ كل السلف المالية السابقة التي كانت تُطلب لمؤسسة كهرباء لبنان كانت تحصل عبر قوانين تقرّ في مجلس النواب، إلّا أنّه هذه المرة حصلت عبر آلية الاستقراض ومن دون المرور بالبرلمان.
وقد تبيّن أنّ وزير الطاقة الحالي سارع فور موافقة مصرف لبنان على فتح الاعتمادات، إلى التواصل مع إدارة المناقصات للطلب منها اطلاق المناقصات الثلاث وعلى نحو سريع، لتأمين وصول الفيول إلى خزّانات مؤسسة كهرباء لبنان وتغطية النقص في حال تأخر الشحنات المؤمنة عبر العقد مع العراق، لمنع وقوع الشبكة الكهربائية كما حصل نهاية الأسبوع الماضي حين حلّت العتمة الشاملة على كامل الأراضي اللبنانية.
وبالفعل، أودعت وزارة الطاقة إدارة المناقصات دفتر الشروط لزوم إطلاق المناقصات الثلاث، ليتبيّن أنّه الدفتر ذاته الذي جرت على أساسه المناقصتان اللتان أُجريتا في نيسان الماضي لشراء الفيول، واللتان أصيبتا بالفشل جراء الشروط المالية القاسية التي أصرّت عليها وزارة الطاقة، على الرغم من ملاحظات إدارة المناقصات، فانتهى الأمر بتعليق المناقصتين بسبب عدم حماسة الكثير من الشركات ووقوع من تقدّم من العارضين بمطبّات الشروط الصعبة. مع العلم أنّ الدفتر المذكور شهد خلال حكومة حسان دياب تجاذباً حاداً بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات قبل أن يتفاهم الطرفان على صيغته النهائية.
فعاد مدير عام إدارة المناقاصات ليبلغ الوزير أنّ هذا الدفتر سيفشل في جذب عدد كبير من الشركات اذا لم يتم التخفيف من حدّة الشروط المالية، وبالفعل تجاوب الوزير مع ملاحظات العلية وكان التعديل الفوري للدفتر حيث تمّ حذف البند المتصل بالكفالة المالية، كذلك جرى تخفيض حجم الأعمال المطلوبة من العارضين من 2 مليون طنّ متري إلى 500 ألف طنّ متري. وعليه تمّ الاتفاق سريعاً على اطلاق المناقصات.
وعليه أعلنت الإدارة المعنية عن المناقصات الثلاث والتي حددت مواعيدها في 23 و24 و25 تشرين الثاني، تباعاً، لكن وزير الطاقة طلب فور نشر الخبر إعادة النظر بالمواعيد لتقريبها، فكان جواب إدارة المناقصات أنّ الإجراءات تفترض النشر في الجريدة الرسمية التي لا تصدر إلّا كل يوم خميس، فجرى التواصل بين رئاسة الحكومة ووزارة الطاقة للعمل على إصدار عدد خاص من الجريدة الرسمية، وعليه تمّ تعديل المواعيد من جديد لتصير في العشرين من الجاري.
وعليه، يمكن الإشارة إلى أنّ أول تجربة عمل بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات، بدت ايجابية، على عكس العلاقة المتوترة التي سادت بينهما في السابق، ولو أنّ ريمون غجر سجّل أيضاً استثناء عن أسلافه.