لودريان في بيتنا؟ يا هلا ويا مرحبا!
فعلاً، إنه ما يدعو الى ما يتجاوز الأسف، بل الى الحزن والقرف أيضاً… ونبادر الى القول، دفعاً لسوء النية، أن لا مأخذ لنا على الحراك الفرنسي، لاسيما هذه النسخة الجديدة منه المنقّحة، أو يُفترض أنها كذلك، وإلا ليس ثمة مبرِّرٌ لأن يسحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الملف الرئاسي اللبناني من فريق العمل السابق وإيداعه عهدةَ وزير الداخلية والدفاع سابقاً «مسيو» جان – إيف لودريان…
إنما الحزن هو على اللبنانيين القابعين في الدرك السفلي الذي وصلت إليه السياسة في هذا الوطن الذي كان زينة بلدان المنطقة فحوّلته «الجماعة السياسية» الى مزبلة الحاضر عملياً والى مزبلة التاريخ معنوياً. وأما القرف فهو من هذه الجماعة السياسية اللبنانية ذاتها، التي لا يرف لأحدٍ فيها جَفنٌ، وهو يقول: «ناطرين شو جايب معو لو دريان، وبعد ما تأكدنا من مدى شمولية التفاهم الإيراني – السعودي الساحة اللبنانية، وبدنا نعرف الحقيقة في مضامين غداء العمل بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي ماكرون في قصر الإليزيه، وبيسوى ننتظر المسار الجديد في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ولازم نعرف لوين رح توصل المساعي بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان»(…).
أوليس هذا الكلام ما نسمعه يومياً من السياسيين وسائر المتحدثين والمحلِّلين؟!.
والله العظيم بتنا في حال نخجل من أنفسنا، وفقدنا الاعتزاز بهويتنا التي كان كلّ واحد من جيلنا يفاخر بها العالم كلَّه كونه ينتمي الى هذا الوطن، هذا اللبنان، الذي عشنا فيه ازدهاراً يوم المنطقة في فقر، وحريةً يوم مجرد لفظ كلمة حرية يقود الى السجن، وتقدماً وتطوراً يوم المنطقة كانت لا تزال في غياهب الكهوف (الى ما هنالك من مساحات عز).
ولا شك في أننا، نحن اللبنانيين، قد ارتكبنا من الأخطاء جسيمَها ومن الخطايا عظيمَها حتى ابتلانا الله بهذه الطبقة السياسية الهجينة فاقدة، في معظمها، الحس الوطني، ولا تُدرك للسيادة الوطنية والكرامة والعزّة أيّ معنىً…
وبعد، ماذا لو عاد موفد الرئيس الفرنسي، الذي يحلّ في ربوعنا غداً، خاليَ الوفاض، أو كما يقول مثَلُنا الدارج السائر: «إيد من خلف وإيد من قدّام؟». فهل ننتظر الى أبد الأبدين ودهر الداهرين لكي ننتخب رئيساً؟!.