Site icon IMLebanon

التيتانك والأوركسترا

 

استعاد محدّثي عبارة وردت على لسان المبعوث الرئاسي الفرنسي جان – إيف لودريان في مطلع مهمته في لبنان، موفداً خاصّاً للرئيس إيمانويل ماكرون، عندما قال في شهر تموز الماضي إن حال بلدنا تشبه حال السفينة الشهيرة «تيتانك» التي اصطدمت بجبل الجليد وغرقت في المحيط الأطلسي بينما كانت الأوركسترا الخاصة بها تواكب الغرق بمعزوفات رائعة. يومها شبّه لو دريان لبنان بتلك السفينة   مستدركاً بالقول: ولكن من دون أوركسترا.

 

محدّثي، الديبلوماسي الأوروبي الغربي عاشق لبنان، قال في لقائنا عن بعد: لو كان لدى السياسيين، عندكم، الحد الأدنى من الحس بالمسؤولية لكانوا تعاملوا مع تصريح وزير الخارجية والدفاع الفرنسي السابق ليس بتجاهله كما فعلوا، حتى ليبدو للمراقب أنهم تعاملوا بلامبالاة مع أقواله الى وكالة الصحافة الفرنسية بالرغم من قساوة التعابير التي استخدمها، وهو الذي قال فيهم إنهم يمارسون «ألعاباً تكتية» على حساب مصلحة لبنان «المهدد في وجوده»، وإنهم يتجاهلون الحقيقة في بلد بلغت نسبة التضخم فيه 200 في المئة أما البطالة فمخيفة.

 

وقلت له: دعنا من المسؤولين عندنا، في السلطة وخارجها، فالكلام فيهم وعنهم «تضييع وقت»، ولكن ماذا تنتظر من عودته الرابعة الى لبنان بعد الثلاث الماضية في تموز وآب وأيلول؟ فأجابني: لا أنتظر شيئاً جدّياً، فالرجل جاءكم داعماً مرشح فرنسا وحزب الله، وفشل في تسويقه، ثم جاءكم ثانية بالحوار و «جدول الأسئلة» الطويل، وفشل أيضاً، وغادركم بعد الثالثة ليمهد لجولته الرابعة بالتصريح الشهير الذي تحدث فيه عن الطريق الثالث (Une Troisieme Voie) وفي كل مرة كانت القيامة تقوم عليه، فهل سينجح في الفصل الرابع من مهمته؟ أشكّ كثيراً.

 

وما الحل؟ أجاب: عندما أخرجَ الرئيس إيمانويل ماكرون وزير خارجيته (لودريان) من «الكاي دورسي» سنة 2022 الماضية لم يكن يهدف الى إنزال القصاص بابن الخامسة والسبعين، سنتذاك، إنما من أجل الاستعانة به في المهمات الصعبة شبه المستحيلة، ولكنه لم يكن يخطر في باله أن مهمته في لبنان هي الأصعب. أما الحل عندكم فلن يأتي إلا من تفاهمٍ ما بين واشنطن وطهران، والباقي أضغاث أحلام.