Site icon IMLebanon

رياشي لـ”الجمهورية”: كيف يمكن تحميل الخسائر لدولة مُفلسة؟

 

 

إعتبر المصرفي جان رياشي انّ اهم ما في خطة الإنقاذ المالي الاعتراف بالخسائر، ومشاكل السياسات الاقتصادية والمالية الماضية وسوء إدارة الدولة في الماضي مع محاولتها رسم خريطة طريق للتعافي. لكنه أشار الى أنّ «في الخطة نواقص عدة وكأنّ الرؤية الاقتصادية المطروحة مختصرة، وكنا نتمنى أن تتضمّن طموحات إضافية».

يشدّد رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لـ FFA Private Bank جان رياشي انه لا يجب اعتبار هذه الخطة رؤية اقتصادية شاملة، إنما هي ورقة عمل للبدء بالمحادثات مع الدائنين وصندوق النقد والمجتمع الدولي. وقال لـ«الجمهورية»: «انّ الخطة كما هي مطروحة الآن تتطابق مع ما ينتظره هؤلاء من الحكومة اللبنانية، ومع المعايير المطلوبة في أي خطة. ولفت الى انّ ما طرح هو الورقة المبدئية الضرورية للشروع بالتفاوض، ولا شك في انه سيطرأ عليها المزيد من التعديلات التي قد يطلبها كل من الدائنين وصندوق النقد والمجتمع الدولي، لا سيما منها ما يتعلق بحجم إعادة الهيكلة المطلوبة للدين العام، فربما قد يرى صندوق النقد انّ المطلوب تقديم تضحيات اكبر على الدين العام، او من حيث تخمين خسائر مصرف لبنان.

 

المرونة في سعر الصرف

في ما خصّ إبداء المرونة في سعر الصرف، شرح رياشي انّ «تثبيت سعر الصرف على مدى السنوات الماضية شكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد، وفي ظل التضخّم المتزايد في لبنان تراجعت قدرة البلد التنافسية لا سيما في الفترة الممتدة بين 2011 و2019 حيث كان الميزان الجاري سلبياً. فقد تبيّن اليوم انّ هذا التثبيت أضَرّ بالاقتصاد، لذا المطلوب ان يكون سعر الصرف مَرناً لمواكبة الواقع الاقتصادي التنافسي القائم في البلد». تابع: «لا شك في انّ تخفيض سعر الصرف سينعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطن وإيجاباً على ميزان المدفوعات وعلى الإنتاج والقدرة التنافسية للبلد، لكن في الوقت عينه ومع التثبيت الجديد لسعر الصرف يجب ان تكون لدينا القدرة للدفاع عن هذا التثبيت، والدفاع يتطلّب توفر الدولارات. لذا، يجب ان يكون اقتصادنا قادراً على إدخال فائض من الدولارات، وأن يكون هذا التثبيت من احتياطي المركزي من دون المَس بأموال المودعين، وهنا بإمكان صندوق النقد المساهمة».

 

ورداً على سؤال، لفت رياشي الى انّ «كورونا اضافت أزمة الى لبنان كان في غنى عنها، اذ كنّا نعقد آمالاً على استثمارات جديدة في البلد وعلى الإيرادات السياحية لكن يبدو حتى الآن انّ هذه الآمال أرجأت أقله الى العام المقبل». وعمّا اذا كان يجب إعادة النظر بالارقام المطروحة في الخطة بسبب الانعكاسات السلبية لأزمة كورونا على الاقتصاد اللبناني، قال: انّ خطة الحكومة بمثابة ورقة عمل قابلة للتفاوض، لكن المهم انّ المبادئ العامة التي تضمنتها وضعت وفق المعايير الدولية وعلى هذا الأساس سيتم التفاوض، وكإشارة أولية أتت ردود الفعل الدولية على الخطة إيجابية.

 

ورقة المصارف

وبالانتقال الى الحديث عن شق المصارف الوارد في الخطة، يقول رياشي: تعاني المصارف اللبنانية اليوم، ليس فقط من مشكلة سيولة، إنما أيضاً من مشكلة ملاءة. وقد رأينا انّ المصارف تعارض خطة الحكومة تحت شعار عدم المس بالودائع، كما وأنّ هنالك الكثير من السياسيين والقانونيين يعترضون على أي إجراء يتضمن فكرة الـ BAIL IN تحت شعار قدسية الودائع واحترام الدستور، مع العلم أنّ تعميمين صادرين عن مصرف لبنان (التعميم 148 والتعميم 151) قد شرّعا مبدأ المَس بالايداعات بالعملات الأجنبية. لا يمكن للمصارف ان تستأنف عملها الطبيعي إذا استمرت من دون سيولة وبرأسمال سلبي. إنطلاقاً من هذا الواقع، يقول رياشي: عرضت الخطة إصدار خمسة تراخيص لإنشاء مصارف جديدة من شأنها ان تضخ رأسمالاً جديداً بسيولة حقيقية لتتمكّن من القيام بالأعمال المصرفية، خصوصاً بعدما تعذّر ذلك على المصارف الموجودة حالياً. ومن شأن هذه الخطوة ان تجذب أموال المودعين مجدداً المخبّأة في المنازل ليُعاد ضخّها في الحياة الاقتصادية، كذلك جذب الودائع من خارج لبنان والتي لم تعد تدخل اليه. لكن رياشي لا يؤيّد هذا التوجه، بل كان يفضّل لو يتم الإبقاء على المصارف القابلة للإستمرار بعد ان تعاد هيكلتها، وبعد أن يضخ أصحابها رأسمالاً جديداً وينضَم اليهم مستثمرون جدداً، فيستأنف العمل بها بأموال جديدة وملاءة حقيقية.

 

وعن الخطة الاقتصادية التي تعدّها المصارف والتي من المتوقع ان يتم الكشف عنها هذا الأسبوع، قال رياشي: يحصر بعض المصرفيين الخسائر في القطاع المصرفي بالقروض المتعثرة، امّا خسائر الدولة ومصرف لبنان فلا يعترفون بها، وبرأيهم على الدولة ان تعوّض الخسائر التي سببتها. ويقول رياشي: انّ هذا النقاش مشروع ومنطقي من الناحية المعنوية، لكن في الحقيقة على أحدهم تحمّل الخسارة. فالقول انّ على الدولة تحمّل مسؤولية الخسارة لا يكفي لأنها في الواقع هي مفلسة فكيف يمكن تحميل الخسارة لمفلس؟ أما القول انّ على الدولة ان تبيع ممتلكاتها لتسديد الخسارة فيفترض أولاً تقييم أملاك الدولة، والبحث في كيفية تسييل هذه الممتلكات؟ وبالنظر الى ممتلكات الدولة، يمكن تخصيص الميدل ايست، المرفأ، المطار وشركات الخلوي واوجيرو والأراضي، لكن ما يغفل عنه البعض انه لا يمكن وضع أصول ثابتة مثل الأراضي والعقارات ضمن أصول القطاع المصرفي أي في وجه ودائع جارية أو لأجل.

 

امّا بالنسبة الى الأصول ذات ربحية معينة مثل الخلوي والمرفأ والمطار التي يمكن بيعها في آجال غير بعيدة، فنحن امام مشكلتين:

أولاً، انّ قيمة هذه الأصول الاجمالية بعيدة جداً عن حجم الفجوة،

وثانياً، انّ إيرادات هذه المرافق تدخل ضمن موازنة الدولة كإيرادات للخزينة، فإذا تم تحويل هذه الإيرادات من ملكية الدولة الى ملكية القطاع المصرفي فمن أين سوف يأتي التعويض عن هذه الإيرادات المفقودة؟