يُتوقّع أن تشهد الساحة اللبنانية في الأيام المقبلة حركةً ديبلوماسية خارجية، لا سيما زيارة وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، والتي كانت تأجّلت مرتين لجملة ظروف حالت دون القيام بها، وينقل وفق المعلومات من مصادر مواكبة لهذه الزيارة، بأن لودريان يأتي إلى لبنان بعدما عرض لملفه من كافة جوانبه الأسبوع المنصرم مع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، في ضوء تفويض أميركي سابق لباريس في الشأن اللبناني، منذ المبادرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي لم تصل إلى خواتيمها السعيدة.
أما في جديد ما يحمله معه لودريان إلى بيروت، تكشف المعلومات، أن هناك صيغةً فرنسية ـ أميركية ـ غربية، تتلاقى مع بعض الدول العربية، تحمل أولاً ضغوطات دولية على المسؤولين اللبنانيين من أجل إتمام الإستحقاق الإنتخابي النيابي في مواعيده الدستورية، دون أي تأجيل أو تسويف ومماطلة، بعدما برزت في الآونة الأخيرة مؤشّرات من قبل أطراف وقوى سياسية محلية، تشي بأن الظروف الراهنة قد لا تسمح بحصول هذا الإستحقاق، على أكثر من خلفية سياسية وأمنية واقتصادية. ولهذه الغاية فإن لودريان، الملمّ بالشأن اللبناني، سيشدّد بداية على الرؤساء الثلاثة وكل من سيلتقيهم، على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية، وسيعاود ممارسة ضغوطاته بفعل ما يتميّز به من أسلوب سياسي قاسٍ، بمعنى تحميل المنظومة السياسية مسؤولية عدم الشروع في الإصلاح، وهو ما يتبدّى بشكل واضح من خلال الهدر والإفلاس وترهّل الدولة وكامل بنيتها وقطاعاتها ومرافقها، وبناءً عليه، سيؤكد على عدم دعم لبنان من خلال مؤتمر الدول المانحة، قبل أن يكون هناك إصلاح حقيقي مالي وإداري.
وفي المحصلة، ستبقى أموال مؤتمر “سيدر”، وبحسب المعلومات مُجمّدة إلى حين تحقيق وتنفيذ ما طالبت به باريس والدول المانحة المسؤولين اللبنانيين، تالياً فإن لودريان سيعرض الواقع الإقتصادي المأزوم، وتحديداً على المسارات الإجتماعية والطبية والحياتية، ولذا، توضح المعلومات، أن هناك مشروعاً فرنسياً ـ خليجياً ـ دولياً، يركز على كيفية تنفيذ مشروعٍ شامل لإغاثة أكبر عدد ممكن من العائلات اللبنانية من خلال مساعدات عاجلة، تأتي منسّقة بين هذه الدول وبإشراف منها ومن المؤسّسات الإنسانية والأهلية والصليب الأحمر الدولي، بعدما بات وضع شريحة كبيرة من هؤلاء بحاجة ماسة إلى هكذا مساعدات.
من هنا، يظهر بوضوح أن لودريان سيركّز على هذه المسائل، وبمعنى أوضح، فإنه وبالتماهي مع واشنطن ودول غربية وعربية، يسعون إلى تجنيب لبنان أي حروب واهتزازات أو حصول موجة اضطرابات بفعل تمادي هذا الإنهياربشكل غير مسبوق، وخوفاً من أن تكون السياسات الضرائبية التي ستفرض على اللبنانيين مدخلاً لهذه الفوضى.
ويبقى أن لودريان، وعلى غرار وزير خارجية الفاتيكان الذي زار لبنان منذ حوالى الشهر، لن يلتقي بقيادات حزبية، بل ستقتصر لقاءاته مع الرؤساء وقيادات روحية، وسيعقد مؤتمراً صحافياً يتحدث خلاله عن كل ما يحيط بلبنان من أزمات وعن نظرة فرنسا للواقع اللبناني الحالي.
ووفق المعلومات، فوزير الخارجية الفرنسي، وكعادته، سيتحدث بلهجة لا تخلو من الحدّة، إذ سيحذّر المسؤولين اللبنانيين من مغبّة ما قد يحصل للبنان في حال لم يؤخذ بالنصائح والمبادرات التي تقدّمت بها فرنسا وسواها، وهو الذي سبق وأشار إلى أن لبنان إلى زوال، وكرّر ذلك في أكثر من محطة ومناسبة، ولا زال يعتقد بأن هذا البلد، الذي تربطه بفرنسا أفضل العلاقات، يّتجه إلى مزيد من الإنهيار والقلق على مصيره بفعل ساسته، وكل ما أصابه على خلفية الفساد والإرتكابات التي حصلت في معظم قطاعات الدولة اللبنانية.