في الوقت الذي ذهب فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تحديد مهلة زمنية للشغور الرئاسي هي الخامس عشر من حزيران المقبل، كحدٍ أقصى لانتخاب رئيس للجمهورية، نقلت أوساط سياسية واسعة الإطلاع وعلى تماس مع الإتصالات الجارية على مستوى الإستحقاق الرئاسي، أجواءً تفيد بأن كل المبادرات المحلية كما الخارجية، قد دخلت في إجازة مدتها ثلاثة أسابيع، بمعنى أنه لن تحصل في هذه الفترة أي زيارة أو مبادرة، تمهد للحديث عن حلول رئاسية قبل القمة العربية التي ستُعقد في جدة في 19 من الجاري. وعلى هذه الخلفية، تكشف الأوساط المطلعة، بأن جولة الوفد القطري الذي زار بيروت أخيراً، كانت محطة الحراك الأخيرة في اللحظة الراهنة، وبالتالي ليس من جديد على صعيد المبادرات في إطار «خماسية باريس»، وإلاّ كان وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد عبد العزيز الخليفي جاء إلى بيروت، وفق ما كان مقرراً.
وبينما تستمر المشاورات الداخلية بين الأطراف المحلية، تشير الأوساط إلى معلومات متداولة على الصعيد الديبلوماسي، وتتحدث عن اتصالات متواصلة بين سفراء الدول الخمس الذين التقوا في باريس، في سياق التشاور من أجل الإتفاق على عقد لقاء خماسي جديد، على هامش قمة جدة، وقد تكون على مستوى وزراء الخارجية، بعدما تبلورت صورة مواقف القيادات اللبنانية في لقاءاتها مع الوفد القطري الذي زار بيروت، كما أكدت عليها هذه القوى في اجتماعات مع سفراء معنيين بالعنوان الرئاسي.
وبالتالي، ثمة أجواء ديبلوماسية، وفق الأوساط، تشير إلى أن مستشار الرئيس الفرنسي السفير باتريك دوريل، قد جمّد حركته السياسية أخيراً بانتظار لقاء جدة، كما بنتيجة معارضة بعض القوى المحلية للدور الفرنسي الوسيط في الملف الرئاسي، والتي اعتبرته منحازاً لمرشح على حساب المرشحين الآخرين إلى رئاسة الجمهورية، من دون إغفال الموقف الأميركي الذي ورد في بيان وزارة خارجيتها، والذي انتقدت فيه واشنطن فرنسا من دون أن تسميها، والذي أتى بعد ما تبلغته السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو من بعض القوى السياسية، وفي طليعتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل من رفضٍ موازٍ، في حين نقل بأن رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط دعا باريس إلى ضرورة تصحيح الموقف الفرنسي، والذي هو موضع تقدير بفعل وقوف فرنسا إلى جانب لبنان في كل المراحل.
من هنا، تضيف الأوساط نفسها، فإن الأنظار شاخصة باتجاه القمة العربية التي ستشكل غطاءً دولياً وإقليمياً ومن الطبيعي عربياً، وعلى وجه الخصوص خليجياً، لأي تسوية مقبلة في لبنان والمرتقبة في فترة لا تتعدى الشهرين لانتخاب الرئيس العتيد ، الذي سيعمل على لملمة الوضع على كل المستويات، والإنتقال بلبنان إلى مرحلة الإنقاذ، في ضوء تراجع التباينات بين العواصم المعنية بالملف إقليمياً ودولياً، ورغم استمرار الغموض في بعض المواقف إلى اليوم.
وانطلاقاً ممّا تقدم، تخلص الأوساط السياسية المطلعة إلى التأكيد بأن مشهدية الإستحقاق الرئاسي لن تتبلور، أكان في الداخل او الخارج قبل قمة جدة، خصوصاً وأن ما يتمّ بحثه عربياً ودولياً لا يركز فقط على رئاسة الجمهورية، بل على التسوية الشاملة رئاسياً وحكومياً.