IMLebanon

المسلمون… يجب أن يحكموا القدس

 

 

لا أقول هذا الكلام، من موقع متعصّب أو منحاز، ولا أنظر الى الموضوع إلاّ بنظرة موضوعية متأثراً بكلام قيل عام 1974.

 

ففي عام 1974 قام وزير خارجية أميركا اليهودي المتطرف، هنري كيسنجر بزيارة لبنان، واجتمع مع الرئيس اللبناني يومذاك المرحوم الرئيس سليمان فرنجية، وكان الاجتماع في القاعدة العسكرية بمطار رياق في البقاع، سأل وزير الخارجية الاميركي الرئيس فرنجية: مَن برأيك يجب أن يحكم القدس؟ فأجابه الرئيس سليمان فرنجية بسرعة: المسلمون. سأله الوزير الاميركي: ولماذا؟ فأجابه لسبب بسيط هو أنّ الديانة الإسلامية جاءت بعد الديانتين اليهودية والمسيحية، ولذلك فإنّ المسلمين يعترفون بالمسيحية كدين وباليهودية كدين، بينما المسيحيون يعترفون باليهودية لكنهم لا يعترفون بالمسلمين لسبب بسيط هو أنهم جاؤوا قبل الإسلام. والمصيبة الأكبر أنّ اليهود لا يعترفون لا بالمسيحية ولا بالإسلام… لذلك يجب أن يحكم المسلمون القدس لأنهم سيتركون المسيحيين واليهود يمارسون دياناتهم وطقوسهم بحرية تامة، وذلك لأنّ الإسلام يعترف بالمسيحيين وباليهود، ويقول عنهم إنهم أهل الكتاب، وأكثر من ذلك لقد ورد في القرآن الكريم أنه يحق للمسلم الزواج من الكتابية أي من المسيحية أو اليهودية، وتبقى على دينها، أي أنّ الزواج يتم من دون أن تغيّر الزوجة دينها إن كانت مسيحية أو يهودية.

 

بعد جواب الرئيس سليمان فرنجية هذا أمام وزير خارجية أميركا انزعج هنري كيسنجر جداً، لكنه رغم أنه ديبلوماسي عريق فقد كان يتوقع أن يختار الرئيس فرنجية المسيحيين ويرشحهم ليحكموا القدس. عندها قال للرئيس فرنجية: يجب أن نرسل لك البواخر لتنقل المسيحيين الى كندا.

 

والمصيبة الكبرى أنها كانت بداية حرب أهلية طويلة بقيت منذ حادث «بوسطة عين الرمانة» في 13 نيسان عام 1975 وتخللتها حرب السنتين الى أن وصلنا الى الإجتياح الإسرائيلي عام 1982 واحتلال بيروت بعد حصار دام 100 يوم وإخراج الفلسطينيين «كمقاومة فلسطينية» في البواخر الى اليونان، وبقينا بين الاحتلال الإسرائيلي لأوّل عاصمة عربية هي بيروت، الى الانسحاب الاسرائيلي على دفعات، حتى حصل الاجتماع النيابي في «الطائف» وتم التوصّل الى «اتفاق الطائف» عام 1990.

 

الوحيد الذي رفض الاتفاق كان الجنرال ميشال عون، حتى إعلان إنهاء حالة التمرّد في العام 1990 واحتلال قصر بعبدا ووزارة الدفاع وهروب الجنرال بالبيجاما الى السفارة الفرنسية.

 

أما اليوم، فإنّ مذابح وجرائم كبرى وصغرى تُرتكب في القدس بحق شعب أعزل، والذي جعلني أكتب ما تذكرته من كلام الرئيس فرنجية الذي كان حكيماً وعاقلاً وبعيد النظر، بالإضافة الى ما قاله عضو «الكنيست» الاسرائيلي «عوفر كسيف» حيث أطلق اعترافاً مدوياً من على منبر «الكنيست» يقول فيه إنّ أصحاب الأرض الحقيقيين هم الفلسطينيون، والأرض هي في الحقيقة أرض فلسطين وليست أرض إسرائيل، ونحن جيش احتلال بذريعة ارتباط ديني وتاريخي لنا، وجيشنا لا يتورّع عن قتل الأبرياء والمدنيين العرب بدم بارد، وأدان بشدّة مقتل الشاب المعوق إياد الحلاق.

 

إنّ هذا المقطع من كلام عضو «الكنيست» يدل دلالة واضحة على أحقية شعب فلسطين ببلده. فالحق هو الذي قاد هذا العضو ليعترف بما اعترف به.

 

ماذا يجري في القدس؟؟؟

 

بكل بساطة، فإنّ الجيش الاسرائيلي يريد تهجير أهل القدس من بيوتهم لأسباب مختلفة، في معظمها كاذبة ومركبة وملفقة، وأهل القدس متمسّكون ببيوتهم، والفلسطينيون اليوم يقولون: لا نريد أن تتكرر معنا مسألة الاحتلال اليهودي وتكرار الكذبة التي جرت عام 1948. يومها قالوا لنا انسحبوا وسوف تأتي الجيوش العربية، وتعيد تحرير فلسطين وتطرد الجيش الاسرائيلي. ولكن للأسف ظلت الوعود كلها أضغاث أحلام وحبراً على ورق، ووعوداً كاذبة، لذلك فإنّ الفلسطينيين لن يلدغوا من جحر واحد مرتين.

 

وتجربة 1948 جعلت الفلسطيني أكثر تمسّكاً بأرضه وبيته وأهله ومدينته.

 

أهل القدس يعانون في هذه الأيام من نكبة جديدة شبيهة بنكبة 1948، لكن معنوياتهم هذه المرة عالية جداً بسبب ثقتهم بأحقية قضيتهم. ومن أجل ذلك لن يرضوا بأي وعود وستظل نار المقاومة مستعرّة، لأن الفلسطيني إذا خرج من بيته فلن يجد مسكناً غيره. إنها إرادة شعب قوي جبار صمّم على الحياة بالبقاء حيث هو مهما اشتدت الأزمات.