IMLebanon

بيروت – القدس: معركة واحدة

 

لم يعد الفلسطينيون يصدّقون الشعار الفارغ: “لستم وحدكم”. هم مثلنا. نحن نكافح وحدنا ضد منظومة فاسدة تحتل حياتنا، وهم يقاومون وحدهم باللحم الحي احتلالاً يتابع خطة ترحيلهم أو إخضاعهم بالحديد والنار.

 

لا مفر من التشابه والمقارنات ولو اختلفت المسمَّيات. وليس مشهد إطلاق الرصاص الاسرائيلي على عيون المقدسيين سوى تذكير لنا بمن تفوَّق على ممارسات المحتلين، متعاملاً مع ثوار 17 تشرين بوصفهم أعداء وليسوا مواطنين.

 

كيف نحيّي أهالي القدس وحي الشيخ جراح؟ برسالة تضامن من شعب لبنان الذليل أمام محطات الوقود؟ أم بباقة زهر لجرحى “ليلة القدر” من أهالي بيروت الذين دفعوا ثمن تفجير المرفأ ولا يزالون منتظرين نتائج التحقيق؟ وجهان لظلم واحد، إنهما احتلالان، كلاهما عدوان على حق الناس في العيش بكرامة. كلاهما اعتداء على حقوق الانسان الأصلية غير القابلة للتصرف حسب تعريف الأمم المتحدة والعالم المتحضر.

 

مؤسف اننا نحتاج قدراً كبيراً من الجهد لإقناع أنفسنا بأن أهل المنظومة الحاكمة هم فعلاً شركاؤنا في الوطن وليسوا محتلين، وأن اللبناني يبقى أخ اللبناني مهما ارتكب في حق أخيه، وأن “الجار ولو جار”. لكن الحقيقة المرة هي انهم يمتلكون كل مواصفات غريب مرتكب لعدوان: صفقات. نهب. تزوير. شطب ودائع. إثراء غير مشروع. تنازل عن السيادة. فتح الحدود للسلاح والتهريب. تعريض علاقات لبنان بالدول العربية الى الخطر الشديد. ضرب العلاقات مع المجتمع الدولي. تدمير القضاء. غض النظر عن نيترات الأمونيوم والتسبب بتفجير ثلث العاصمة. استخدام العنف ضد الشباب اللبناني المطالب بالتغيير والمواطنية. قلع العيون. قمع الثورة. تعطيل الحياة السياسية والمسارات الدستورية. النسف المنهجي لدولة القانون. التسبب بالهجرة والتهجير.

 

لا يمكن لاحتلال أجنبي أن يفعل أكثر مما تفعله سلطة تتحكم برقابنا وبمستقبل أبنائنا. وحين يتحول المواطن كائناً بيولوجياً يفتش في القمامة، أو يحيا بالحد الأدنى، أو يخشى التعبير بتغريدة غضب او بعنوان في صحيفة لئلا “تتذكره” النيابات العامة والمباحث الجنائية، يصير محتلاً حتى ولو احتفل بعيد الاستقلال والتحرير، أو ملأت الفضاء عبارات استعادة الكرامة والعزة.

 

يدافع الفلسطينيون اليوم عن حقهم البديهي في دولة مستقلة وانهاء الاحتلال. ونحن ندافع عن حقنا في لقمة العيش واستعادة السيادة والدولة. معركتهم شرسة وطويلة لأنها مع محتل غريب. ومعركتنا أشرس لأن احتلال ذوي القربى “أشد مضاضة”، وهو أيضاً من النوع الغريب.