Site icon IMLebanon

مواجهة من أجل بيت في القدس

 

لا مفاجآت في التصعيد الذي يشمل اراضي فلسطين التاريخية. المفاجأة الوحيدة الكارثية كانت ألّا يحصل شيء نتيجة الغطرسة الاسرائيلية والاستيطان والقضم وأخيراً محاولات طرد عائلات عربية من منازلها في حي الشيخ جراح في القدس.

 

كانت السنوات الأخيرة مريرة نسبة لما كان يأمله الشعب الفلسطيني. تراكمت المصائب عليه من كل نوع وتعددت انواع الفشل. لم يبق من السلطة الوطنية سوى الاسم، وحلُّ الدولتين صار مرادفاً لدولتي غزة والضفة بدل ان يكون دولتي فلسطين واسرائيل. تقدمت تدابير القضم الصهيونية بمقدار ما تآكل المشروع الوطني الفلسطيني، وصار الخروج من حالة الانقسام حلماً يساوي الحلم بالدولة. ومع وصول دونالد ترامب الى الرئاسة الأميركية وطرحه صفقة القرن، دُفِعَت القضية مسافات الى زوايا التجاهل، ولم يتمكن الفلسطينيون نتيجة انقساماتهم من تقديم ردود حاسمة تغييرية، رغم استمرار الموقف العربي الرسمي على تمسكه بالمبادرة العربية وحل الدولتين وشروط السلام العادل والشامل.

 

قوبلت صفقة العصر بالأصوات العالية لـ”ممانعة العصر”. تكرست التجارة بالقضية سلوكاً لسلطات القمع والارهاب، وصار الحرص على فلسطين غطاء للبراميل المتفجرة والمجازر المذهبية في سوريا، ودليل عملٍ لمطلقي الصواريخ والمسيّرات ضد السعودية ومنشآتها النفطية.

 

لم تخدم الاستعراضات الإقليمية فلسطين والفلسطينيين. ورغم ارتباط فصائل غزة العميق بإيران فإنها لم تتمكن من إقناع الجمهور الفلسطيني بفائدة تُرجى من الأصوات الهادرة في بلاد فارس، وآخرها ذلك الصوت الذي يلوِّح باسم فيلق القدس بزج “حزب الله” في المعركة “اذا طلبت فصائل غزة ذلك”.

 

بدأت المواجهة الراهنة نتيجة تراكم ممارسات الاحتلال، وصاعقها المباشر محاولة طرد مقدسيين من منازلهم. هذه الواقعة اعادت الى كل الفلسطينيين صورتهم في مرآة الاحتلال. اليوم ابناء القدس وغداً ابناء مدن وقرى الضفة وبعدها من تبقى من فلسطينيي عكا ويافا واللد والناصرة.

 

دفاعاً عن المنزل بدأت المواجهات وهنا يكمن سر قوتها، وعليها وحولها تنبني وتتجمع سيرة احتلال لم يقتنع بفشل استراتيجيته، وسيرة “ممانعة” لا تعني لها اعمدة البيت المقدسي أكثر من شعار تحريض وورقة مساومة.

 

انها ببساطة معركة المنزل.

 

كتبت منى دجاني في الاندبندنت الانكليزية: “انا ابنة وحفيدة المقدسيين الفخورين. قصتهم هي قصة ملايين الفلسطينيين، قصة الكفاح من اجل الوجود”. وتابعت: “هذا ليس صراعاً جديداً. نحن نكافح ضد منظمة المستوطنين في المحاكم الاسرائيلية منذ عقود. نحن لا نؤمن بهذه المحاكم… انهم لا يروننا كبشر متساوين يريدون فقط البقاء في منازلهم… ومدينتهم”.

 

كلام يختصر تاريخاً.