Site icon IMLebanon

القدس تجمعنا؟

 

هل يجتمع العرب حول القدس؟ هذا السؤال مبرره الخوف من ان تنتهي الهوبرة الاعلامية والسياسية القائمة، كصدى لقرار الرئيس الأميركي، كفقاعة ماء، مما تعودناه في ظروف مماثلة أو أشدّ سوءا.

الجهود السياسية ظاهرة: اجتماع طارئ، للجامعة العربية، وآخر للبرلمان العربي، وثالث لمجلس الأمن الدولي، وكأننا أمام انتفاضة دبلوماسية غير مسبوقة، ومع ذلك يبقى السؤال مبررا، هل يجتمع العرب حول القدس؟

المقدمات لا تشجع كثيرا، فتهويل الرئيس الأميركي بنقل السفارة، متصل بالزمن في حملته الانتخابية، ومع ذلك، انتظرناه لينفذ وعده كي نرفع الصوت!

وبدا جليا منذ تصعيد الحملة على الرئيس ترامب، على خلفية ما يقال عن تواصل بعض أعضاء حملته الانتخابية مع الروس، ان وراء هذه الحملة ما وراءها.

وتوضحت الصورة أكثر عندما بدأ يطرح موضوع نقل السفارة في الاعلام بحيث بدا وكأنه يعرض المقايضة مع اللوبي الضاغط على أصابعه، في موضوع التواصل مع الروس، وهذا ما يبدو انه الحاصل. الى درجة ان بعض الأوساط الدبلوماسية، باتت مقتنعة بأنه اشترى شرعيته المتداعية، بمال غيره، بمدينة الأنبياء، زهرة المدائن العربية، عاصمة فلسطين التاريخية، مهد المسيح ومسرى نبي الاسلام.

هذا القرار التملّقي للوبي الصهيوني المهيمن على الحياة السياسية والمالية والاعلامية في الدولة الأعظم، قد يخرج الرئيس ترامب من أزمته، وقد يأخذه الى مصير سلفه الرئيس نيكسون، الذي غرق في صحن ووترغيت، لكن ما يعني العرب، هو ان القرار صدر، والمطلوب التضامن والتعاون توصلا الى كيفية جعله خارج الاعتبار الدولي وبالتالي القانوني، مع التنبّه، الى ان الرئيس الأميركي الذي لم يتوقف عن نشر القلق حول العالم، لا شيء استطاع ثنيه عن ارتكاب هذا الاثم التاريخي بحق أمة العرب، لا التصريحات الأوروبية الواعية لخطورة الموقف، ولا الدعوات الفاتيكانية، ولا حتى معارضة روسيا والصين، ولا استطرادا، المناشدات العربية الخجولة، أو التهديدات الايرانية الحادّة.

ومع كل ذلك، علينا ان نتذكر انه لو جلس الصينيون القرفصاء تحت سورهم العظيم يمجدّون البنائين الذين بنوه، لما دخلوا الى قرن الألفية الثالثة، ولو مكث الهنود في معابدهم الملبّدة بدخان البخور واكتفوا بالصلوات والدعوات وممارسة اليوغا، لما تحولت الهند كما هي الآن، الى أكثر شعوب الأرض استخداما للتكنولوجيا المتطورة.

مطلوب الخروج من ذهنية التواكل والافراط في تمجيد الماضي وتجاهل متطلبات الحاضر، والتذكر دائما بأن القرار الأميركي أعاد القدس الى ما كانت عليه قبل المسيحية والاسلام، وسيجرّدها من خلفيتها التاريخية كرمز لوحدة الأديان السماوية.

الرهان الآن على استيعاب العرب للحدث قبل فوات الأوان، وإلاّ نكون كالديناصورات التي انقرضت بسبب بطء استيعابها… فالألم لا يصل الى دماغ الديناصور اذا أصيب ذيله، إلاّ بعد اكتمال الاصابة، حيث يكون قد فات الأوان، أو الضفادع الأوسترالية، التي لا تشعر بالألم في مختلف أنحاء الجسم، إلاّ عندما تصل السكين الى العنق…

فهل تجمعنا القدس، بعدما فرّقتنا المقدسات؟..