نشرت، أمس، نتائج الانتخابات البلدية في قضاء جزين على موقع وزارة الداخلية الالكتروني. لكن «التيار الوطني الحر» لا يزال يعوّل على الحكم الصادر عن مجلس شورى الدولة في الطعن المقدّم من جانب رئيس البلدية المنتهية ولايته خليل حرفوش.
ما حصل في 22 ايار في «القلعة» المفترض أنها عونية، لم يحصل في اي بلدية أخرى في لبنان. تفوز لائحة «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية»، لكن رئيس اللائحة حامل البطاقة الحزبية البرتقالية، والمتفّق على اسمه مسبقا لرئاسة اتحاد بلديات جزين، يخرج من الحلبة البلدية منهزما مع ثلاثة عونيين. كل ذلك وسط سيل من الروايات التي تتقاطع بين حديّ «الخيانة» من جهة، و «الانتقام» من جهة أخرى على شاكلة إرسال رسائل قاسية الى ميشال عون.
كان يفترض ان يؤدّي تحالف «القوات» مع «التيار» في مدينة جزين الى تعويم اللائحة بمزيد من الاصوات لا إسقاطها بالسياسة، حيث ان المرشّحين الاربعة، على لائحة ابراهيم عازار و «الكتائب» و «القومي»، الذين حجزوا أماكن لهم على اللائحة المدعومة علنا من الرابية ومعراب لم يتمكّنوا من أخذ القرار البلدي من يدّ «العونيين» الذين سيحتفظون بالاكثرية داخل المجلس البلدي الحالي كذلك الرئاسة. لكن العِبرة في الرسالة السياسية التي هزّت العصا للرابية: كلمة العائلات أقوى من «أوامر» الجنرال.
آخر الكلام بين آل الحلو وعون كان يوم الخميس الماضي حين حضر الدكتور سعيد الحلو بمفرده الى دارة «الجنرال» حيث لم يتمّ الاتفاق على صيغة لرئاسة البلدية، كما يؤكّد الاخير، «لكني اكّدت له بأننا لن نسمح بهزيمة التيار وسوف نقترع للائحة من أجل مجلس بلدي يبقي الارجحية بيده». في نهاية اليوم الانتخابي «تخردقت» اللائحة الحديدية المدعومة من «التيار» و«القوات» والعائلات ببارودة التشطيب، وبمئات اللوائح الملغومة التي وزّعها الجزء الاكبر من عائلة الحلو المحسوبة تاريخيا على «الحالة العونية» و«التيار».
لكن اصابع الاتهام لم توجّه فقط الى آل الحلو و «سرب» من العائلات المشاركة في «الطبخة البلدية». فسريعا وضعت «القوات» تحت المجهر، خصوصا بعد أن أظهرت الارقام تصدّر منسّق «القوات» في جزين سامر عون، المطروح من جانب معراب لنيابة الرئاسة، مع تقدّم في الارقام لصالح ثلاثة مرشحين من «القوات» في اللائحة الفائزة، بالتزامن مع جوّ من الاقاويل التي أشارت الى علاقة من خلف الكواليس تجمع سامر عون برجل الاعمال المتموّل غازي الحلو. لكن النفي أتى من مصدرين.
من جهة الرابية تأكيد رسمي بأن «القوات»، وكل الحلفاء، التزموا معنا بشكل كامل، والدليل الفارق الضئيل في الاصوات بين مرشّحي اللائحة. وتضيف مصادر الرابية «ان الطعن المقدّم من قبلنا يطال 280 ورقة مطبوعة بلاستيكيا بمعنى انها لمّاعة، وبالتالي هي تحمل علامة فارقة تسهّل دفع الرشاوى لاحقا لمن وضعها في الصندوق، لذلك هي تعتبر ملغاة حكما». أما تصدّر المرشحين القوات اللائحة فيعود، وفق المصادر، الى كون آل الحلو قد «شطّبوا» مرشّحي «التيار» عن اللائحة.
النفي الثاني يأتي من جهة آل الحلو الذين يؤكّدون ان التواصل بين غازي الحلو وسامر عون عمره شهر فقط وفرضته المفاوضات التي سبقت الانتخابات البلدية، وبالتالي لا صداقة بينهما او «لينك» خفي، مع العلم ان غازي الحلو يقضي معظم أوقاته خارج لبنان حيث مقرّ عمله في مسقط.
وفق أرقام وزارة الداخلية النهائية، كما وردت من لجان القيد، بلغ الفارق بين سامر عون (2458) وخليل حرفوش (2160) 298 صوتا. فيما سجّل مخترقو اللائحة الاربعة الارقام الاتية: زياد عون (2268) مرغريت حليم خالد (2248) جورج العرية (2187) جان كلود كرم (2162).
لا ينفي العارفون انزعاج عون الشديد مما حصل في جزين، لكنه يعتبر بمطلق الاحوال ان المعركة «قد ربحناها، والطعن سيظهر حقيقة ما جرى».
وسريعا فرضت مجريات ما بعد فتح الصناديق توجيه الانظار نحو رئاسة الاتحاد. أوساط الرابية تؤكّد ان «أساس» التفاهم القواتي ـ العوني في بلدية جزين هو التوافق الذي جرى على رئاسة الاتحاد ورئاسة البلدية (من حصة التيار) ونائبيهما، وهو الامر الذي لن يتغيّر حتّى لو رفض الطعن المقدّم من جانب حرفوش وبالتالي بقي الاخير خارج المجلس البلدي.
يذكر ان مرشحا على اللائحة المدعومة من ابراهيم عازار كان ينوي ايضا تقديم طعن في بعض الاوراق الملغومة التي لا تحمل اسمه، والتي تحمل علامة فارقة، لكن تمّ صرف النظر عن الموضوع بسبب الفارق في الاصوات الذي لن يعدّل في النتيجة.