ولو من دون إعلان رسمي، بات الوزير السابق جهاد أزعور مرشحاً جدياً لرئاسة الجمهورية بدليل الإتصالات والمقابلات التي يجريها عبر تقنية زووم مع التغييريين و»التيار الوطني الحر» والبطريرك الماروني بشارة الراعي، أي مع القوى المسيحية لبلورة تصور والتفاهم المشترك على شروط الترشح والأفكار المطروحة في هذا الإتجاه. فمع الذين التقاهم من «التغييريين» تطرق البحث إلى الثلث المعطل داخل الحكومة، وعدم حصرية حقيبة المالية بالطائفة الشيعية، وغيرها من الأفكار والمطالب التي يعتبرها «التغييريون» أساساً في عمل أي رئيس منتخب.
وعلى ما يبدو فإنّ أزعور ينوي السير بترشيح نفسه أو الإعداد مسبقاً لهذا الترشيح باعتباره مرشح أميركا والسعودية خارجياً والمسيحيين والبطريركية المارونية في الداخل، وفق توصيف «الثنائي».
وبذلك بات الإنقسام واضحاً وجلياً بين مرشحين، أحدهما للثنائي والثاني للمسيحيين بينما لا يزال الفريق الدرزي متقلب المزاج بين أزعور كمرشح توافقي مقبول، وبين تجنب استفزاز «الثنائي».
العين على البطريركية المارونية وسيدها العائد حديثاً من فرنسا وفي جعبته توجه فرنسي واضح بتراجع دعم ترشيح فرنجية. تقول مصادر مقربة إنّ الراعي الذي أنهى لقاءاته قبيل مغادرته، مع الشخص ذاته الذي كان أول من استقبله لدى عودته من باريس، أي رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، كان أبلغ الفرنسيين صعوبة السير بخيار مرشح لا يعكس ارادة المسيحيين ولا يحظى بموافقتهم، ولذا عليهم كما روّجوا لترشيحه، أن يعمدوا الى سحب هذا الترشيح وضرورة إقناع «حزب الله» بالتراجع عن خياره. وحسب معلومات المصادر عينها فإنّ الراعي حمل الجواب النهائي والقاطع والمفيد بأنّ فرنسا ستتولى الإعلان رسمياً عن تراجع حظوظ فرنجية.
لم يجد الراعي والفريق المسيحي نفسه معنياً بالإلتزامات التي قطعتها فرنسا لـ»حزب الله» أو لغيره وهو حمل صوت المسيحيين إلى الفاتيكان فكانت توصية الكرسي الرسولي للرئيس الفرنسي بعدم السير عكس مشيئة المسيحيين في لبنان والوقوف على خياراتهم.
ورغم تسارع الخطوات المتعلقة بترشيح أزعور وزخم اندفاعته، فإن «التيار الوطني الحر» بقي متمسكاً بموقفه وهو الحوار مع حليفه حول مرشح ثان غير فرنجية وأنّ أزعور ذاته لن يكون مرشحاً مقبولاً إذا لم يحظ بموافقة الثنائي، تاركاً في ذلك خطاً للعودة إلى الحوار حول مرشح ثالث بدليل ان اجتماعاً جديداً للمعارضة و»التغييريين» عقد أمس في بيت الكتائب ولم يحضره أي موفد من «التيار» الذي لم يشارك أيضاً بالإجتماعات التي سبقت.
رئيس «التيار» كان أرسل إلى «القوات» عبر موفدين لائحة لمرشحَيْن للرئاسة هما زياد بارود وجهاد أزعور فكان أن تبنى رئيس «القوات» الإسم الثاني في محاولة لإحراج باسيل أمام حليفه الشيعي.
لم يستنفد الثنائي الشيعي أوراقه بعد، عنصر المفاجآت حاضر لخطوة محتملة من قبله خاصة في ضوء إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «أبواب المجلس النيابي لم ولن تكون موصدة امام جلسة إنتخاب رئيس للجمهورية، بحال أُعلن عن ترشيحين جديين على الأقل للرئاسة وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع لا سيما مع رئيس المجلس».
وفي كلامه تقصّد بري الرد على المعلومات التي تحدثت عن اتجاه لفرض عقوبات أميركية بحقه لتخلفه عن الدعوة الى جلسة انتخاب رئيس جديد والتي قيل أنها أتت بفعل جهات محلية على صلة بالأميركيين، وعلى الراعي الذي اتهمه بمخالفة الدستور لكونه لم يدعُ إلى جلسة انتخاب رئاسية قبيل انتهاء ولاية الرئيس السابق بشهرين. وتكرار بري شرطه للدعوة الى جلسة الإنتخاب بوجود مرشحين جديين للرئاسة يعني انه لم يتعاط حتى الساعة مع طرح أزعور على أنه المرشح الجدي مقابل فرنجية.
وجاء بيان بري ليزيد المعطيات تعقيداً وهو ينم عن حجم التباعد في الخيارات بين المسيحيين والثنائي واستمرار المعركة الصامتة بينه وبين «التيار الوطني الحر» بدليل موافقته بالأمس وخلال استقباله قائد الجيش العماد جوزاف عون على توقيع مرسوم ترقية ضباط من رتبة عقيد الى عميد أي دورة العام 1994 وترقيات دورتي 1995 و 1996 وهو ما كان سبق ان عارضه بري على امتداد ولاية الرئيس ميشال عون الرئاسية.
كل التطورات لم تخرج الرئاسة من حيز المراوحة. المستجد الوحيد هو أن أزعور دخل الحلبة من بابها الواسع ويتم العمل عليه بصمت من قبل جهات عربية وأجنبية وربما يكون مرشح الفرنسيين قريباً.