IMLebanon

جهاد كريم بقرادوني: هل ضروريّ أن أفكّر مثل والدي؟

مرشح على لائحة “القوات” عن مقعد الأرمن الأرثوذكس في “بيروت الأولى”

 

جهاد بقرادوني مرشح على لائحة “«بيروت نحن لها»” عن مقعد الأرمن الأرثوذكس في دائرة بيروت الأولى. كثيرون لم يستغربوا إلى أن عرفوا أن «”بيروت نحن لها”» هي لائحة “«القوات اللبنانية”» وأن جهاد هو ابن كريم بقرادوني. هو جهاد كريم بقرادوني. فكيف لابنِ كريم بقرادوني أن يكون على لائحة «”القوات»”؟ وهل أصابت “«القوات”» في اختيارها؟ وهل سيُصيب الناخبون في بيروت الأولى في اختيار من يجمع الضدين؟

 

نعرف أننا وصلنا إلى مكتبه من خلال صورة كبيرة رُفعت له. وهو يدلّ زواره إلى المكتب مبتسماً: «وقت تشوفوا صورتي بتكونوا وصلتوا». هو لا يحبّ الصور لكنها، في زمن الإنتخابات، ضرورية. وصورته واحدة وحيدة، في شارع مونو في الأشرفية، ويتمنى أن تبقى كذلك.

بشوش الوجه، متواضع جداً، ديناميكي أيضاً ويملك روحا حلوة. لكن، اسمه يجعل كثيرين «ينقزون». بابتسامة دائمة على وجهه يجيب: غسان يعرفونه غسان حاصباني أما أنا فلا يقولون اسمي إلا ثلاثياً: جهاد كريم بقرادوني. والدي فخور جداً جداً بي. لكن أتمنى أن يحاسبوني على أعمالي.

المرشح جهاد (مواليد 1972) هو الإبن الأكبر لكريم بقرادوني. درس العلوم الإقتصادية في فرنسا وافتتح سلسلة مطاعم في مصر ولديه أعمال في المملكة العربية السعودية. هو دخل إلى حزب «الله الوطن العائلة»، حزب الكتائب، في العام 1992. وهو ما زال يحمل حتى اليوم بطاقته الحزبية. السياسة كانت دائماً «في دمه» وكيف لا وهو من ولد في بيت سياسي، بيت كريم بقرادوني، الذي استقبل كبار الشخصيات. وهو، يوم كان طفلاً، كان يقف وراء الأبواب لرؤية «المشاهير في السياسة» وسماع ما يتداولونه في ما بينهم.

 

أول خطوة

يتذكر بقرادوني الإبن أول مهمة استلمها في الكتائب، وكانت في منطقة الصيفي بالتحديد، ويومها استدعاه رئيس الحزب آنذاك الدكتور جورج سعاده وقال له: «أوعا بيّك يربحك جميلة. أنت استحقيت موقعك هذا بجدارة».

هو كتائبي ينزل على لائحة القوات. ويقول «أنجزتُ مهمة إجراء المصالحة الكتائبية. وشاركني بذلك كل من المرحومين بيار الجميل وميشال مكتف. حصل ذلك في العام 2005. وكانت تلك الفترة هي «الأحلى» في حياتي. ويوم استشهد بيار «قرفت من السياسة» وسافرت. وحتى الصحف ما عدت أحب قراءتها إلا في سبيل معرفة ماذا يحدث في لبنان. لكن، يوم انطلقت الثورة عدت. نزلت إلى الساحات كمواطن عادي لكن سرعان ما أيقنت أنه لا يمكن لها أن تصمد هكذا. وأتى يوم الرابع من آب. فجّروا بيروت وهذا ما هزّني في أعماقي. فقررتُ العودة وأسستُ جمعية B Beirut التي تساعد شهرياً المئات من خلال بطاقات إئتمانية خاصة نضع فيها كل أول شهر 400 ألف ليرة. وثلاثة أرباع من يحملونها هم لا ينتخبون في بيروت الأولى لكنهم يسكنون فيها وأحوالهم سيئة جداً».

هدفه الأول، على ما يصرّ على القول، هو الإنسان. وبرنامجه من ست نقاط: حياد لبنان، الإستراتيجية الدفاعية، القضية الإجتماعية، اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، القضاء سلطة ثالثة، وحقوق المرأة. وما دمنا نتحدث عن المرأة هو متزوج من اللبنانية لينا شهاب (جذورها بيروتية لكن ضمن نطاق دائرة بيروت الثانية) ولديه ابنتان: ماريا ويارا.

يغضب حين يسمع عما قيل أنه جال على كل الأقطاب وحين لم يأخذه أحد على لائحته أتى إلى «القوات» ويقول «هذا كذب. تعرضتُ إلى حملة افتراء وأضاليل. وسمعت من يقول: «هذا مرشح «حزبُ الله» في الأشرفية، وهذا بحث طويلاً عن لائحة تضمه قبل أن تفعل القوات» بينما الحقيقة في مكان آخر مختلف تماماً. أنا لم أركض وراء أحد بل جميعهم أتوا إليّ. والعونيون بين هؤلاء أيضاً. أنا حين قررتُ أن أدخل المعترك السياسي، تركتُ جمعية B Beirut نهائيا ووجدتُ أن لائحة «القوات» هي المكان الطبيعي لي».

نعود لنذكر جهاد بوالده كريم، ويكفي ذكر اسمه كي تُنسج التحليلات حول الأب والابن. فكم يشبهان بعضهما؟ يجيب المرشح عن مقعد الأرمن الأرثوذكس في دائرة بيروت الأولى بسؤال: «وهل ضروريّ أن أفكّر مثلما يُفكّر والدي؟ يضيف: الأستاذ كريم والدي وأحبّه وأقدّره وفخور به لكني لم أوافقه الرأي في كل المراحل. والدي لديه نظرته ولي أنا نظرتي. وأنا، في حياتي كلّها، لم أكن مقرباً من التيار العوني. ونحن، في عائلتنا، ديموقراطيون. ويوم قررت أن أترشح لم يحاول، ولو بكلمة، أن يوجهني يميناً أو يساراً، بل سألني سؤالاً واحداً: كيف يمكنني أن أساعدك؟».

 

عن كريم

أين أخطأ وأين أصاب كريم بقرادوني برأي ابنه المرشح جهاد؟ يجيب «هو مرّ بمراحل عديدة وتعاون مع كثير من قياديي الصفّ الأول. وأعتقد أنهم لو سمعوا منه كنا تفادينا كثيراً من المشاكل والأزمات. لذا، أرى أنهم ظلموا والدي كثيراً في هذا المجال. ويستطرد بالقول: يمكن أن يحبّ الناس كريم أو لا يحبونه لكن لا يستطيع أحد أن ينكر ذكاءه وعمقه. فهذا الرجل بدأ حياته السياسية يتعاطى مع ياسر عرفات، بناء على طلب حزب الكتائب طبعاً، كما كان مقرّباً من سليمان فرنجيه وكميل شمعون والياس سركيس وبشير الجميل وسمير جعجع وإيلي حبيقة وإميل لحود. ويستطرد بالقول: الأستاذ كريم هو على خلاف في السياسة لكنه وسمير جعجع أصدقاء على الصعيد الشخصي».

القواتيون، الناخبون، دُهشوا لترشيح جهاد كريم بقرادوني. مصادر قواتية تعلق: «نتعامل مع كل إنسان، كقيمة في حدّ ذاتها بعيداً عن منطق البيوتات السياسية ومن ابن من أو حفيد مَن، وبالتالي كل تلك المصطلحات لا علاقة للقوات بها وبعيدة عن نهج القوات وفكر وممارسة القوات التي تقيّم كل شخص انطلاقا من الفكر الذي يختزنه وانطلاقاً من الخلفية الفكرية المتمثلة به. وبالتالي التقويم مزدوج: أن يكون الشخص يملك القناعات السياسية والمواقف والثوابت نفسها ويجهر برأيه. والأمر الآخر، أن تكون ممارسة الشخص بعيدة عن كل شبهة فساد وأن يتمتع بالشفافية والنزاهة في ممارسة الشأن العام. وكل ذلك ينطبق على جهاد بقرادوني الذي هو مرشح على لائحة القوات في بيروت الأولى. فهو يملك المنطلقات الفكرية نفسها التي تملكها «القوات». وهو يرى بشكل واضح أن «حزب الله» يعيق قيام الدولة في لبنان. كما أنه يرى في «التيار الوطني الحر»، وما يوفّره من غطاء إلى «حزب الله»، خطراً على لبنان والمسيحيين. وبالتالي، لديه التشخيص والأهداف والحلول نفسها التي لدى «القوات». وهو متحالف معها انطلاقا من كونه جهاد بقرادوني لا جهاد ابن كريم بقرادوني».

في مجال آخر، هناك من يتحدث، ممن واكبوا طويلاً حراك بقرادوني الأب، عن ضرورة عدم النظر إليه كقائد سياسي يُبدل مواقفه كما يبدل ملابسه. فهو شخص براغماتي، عُرف بعلاقاته من صغر سنه. وعرف باكراً شخصيات كبيرة. وله قول جميل فيه أن من يتعاطى في السياسة يجب أن يكون مثل القصبة التي تميل مع الهواء كي لا تنكسر، حتى ولو كانت سنديانة شلوشها ضاربة في عمق الأرض. وكريم بقرادوني، بحسب عارفيه، لم يُخطئ يوماً بحق القوات ولم ينتقدها بل هو عمد في عزّ الإحتلال السوري إلى الترافع عن سمير جعجع، في قضية الرئيس رشيد كرامي. وهو لم يكن مضطراً أبداً الى ذلك. ويتذكر أحدهم تلك الخاتمة التي قدمها بقرادوني الأب في مطالعته في قضية كرامي وسمّى فيها سمير جعجع «روبن هود». تضيف مصادر «القوات»: من جانب آخر، جهاد، إبن كريم، هو من بادر بعد الخروج السوري إلى التفاوض مع بيار الجميل من أجل تسليم الكتائب إلى بيت الجميل».

 

نعود إلى المرشح الذي أثار ترشحه على لائحة القوات ألف سؤال وسؤال. هو يملك صداقات قليلة في السياسة بينها نديم ويمنى بشير الجميل. لا يحب صفحات «السوشال ميديا» ويجزم أنه ليس، ولن يكون، كما جان طالوزيان «فأنا ملتزم للآخر» على ما قال. زار بقرادوني أرمينيا، في محاولة منه ليقوم بعمل، لكنه لا يعرف اللغة الأرمنية وهو يكرر: «أنا لبناني، أنا لبناني أرمني، ووالدتي لبنانية كاثوليكية، ولا أؤمن بالتقوقع ولا بحكم كوني أرمنياً أن أذهب إلى الطاشناق».

جهاد بقرادوني، بحسب أحد المقربين منه «انقلب 180 درجة بعد 4 آب وهبّ إلى العمل الإنساني. وهو يكرر أمام عارفيه: ما يهمني الآن القيام بمعركة إنتخابية «حلوة» والقيام بكل ما هو «صحّ» وبكل قواه. ما أريده هو القيام بمعركة نظيفة صادقة وخدمة الإنسان».