IMLebanon

«الجهاديون» ناخبون في أميركا

معاقبة الناخبين الأميركيين للرئيس باراك أوباما وحزبه الذي مُنِي بهزيمة في الانتخابات النصفية للكونغرس، قد تعني عودة الحقبة «الذهبية» للجمهوريين، وسيعدّون لاستعادة البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وإن كانت «ذهبية» لديهم ستنعش طموحات القوة، لطي صفحة انكفاء أميركا في العالم، واهتزاز صورتها الذي شجع الكرملين وبكين على «التمرد» واللعب على حبال رياح «الحرب الباردة»، فالأكيد أن ما يعني العرب العاجزين أمام تمدد عواصم الخراب في منطقتهم، سيقسّمهم مجدداً: تحالف أمر واقع مع أميركا قوية ولو كان على رأس إدارتها صقور استئصاليون، جاهزون لشن حروبٍ على الأرض للقضاء على وباء الإرهاب… أم توجس وجفاء، لأن «داعش» لم يمحُ من الذاكرة بعد تخصيب الجمهوريين نهج التارات والإقصاء والتعذيب، حين كان العراق تحت الاحتلال الأميركي؟

أمام العرب سنتان، حتى يتبدل ساكن البيت الأبيض، وإن درجت العادة على تسمية الرئيس الأميركي أو سياسته بـ «بطة عرجاء» خلال النصف الأخير من ولايته الثانية، فالحال أن أوباما الذي بدأ ولايته الأولى بكثير من الوعود «الرومانسية»، متهم بأنه هو الذي نال من هيبة الولايات المتحدة في العالم، إذ استعجل اللعب بكل الأوراق التي تملكها، وكشفَها للخصوم.

صحيح أن بين الأميركيين الخائبين بسياسته، كثيرين يشاطرون الرئيس شعار «دعهم يقتلعون أشواكهم بأيديهم» بعد كل ما فعله العراقيون بمؤسساتهم وجيشهم، لكن نسيان مشاهد نعوش العسكريين الأميركيين المقاتلين في العراق أو أفغانستان لم يكن كافياً لتحسين صورة الرئيس المحبَط والمحبِط، المتردد الذي قيل يوماً إنه خضع لـ «بلطجة» الروس، من سورية الى أوكرانيا.

قد يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بين المبتهجين بهزيمة حزب أوباما في انتخابات الكونغرس، المترقبين لعودة غلاة المحافظين الجدد الى البيت الأبيض، بعدما عانى «بيبي» ما عاناه من «مناكفات» أوباما، رغم كل ما قدمته إدارة الديموقراطيين لضمان أمن إسرائيل، وسط عواصف «الربيع العربي»، وزلزال الثورات والانتفاضات. يكفي نتانياهو أنه أحبط آمال أوباما الذي بدا مطلع عهده واثقاً بأنه هو الذي سيدخل التاريخ بوصفه «بطل» السلام الفلسطيني – الإسرائيلي.

وقد يكون مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي في طليعة المتوجسين من احتمال عودة صقور اليمين للتحكم بمجلسي الكونغرس، خصوصاً في مواجهة «عدوانية» لم يخفِها الرئيس فلاديمير بوتين في إدارته حرب أوكرانيا ومعارك الدفاع عن النظام السوري. وإن كان هذا التوجس يفسر في جانب منه الاندفاعة الإيرانية الشرسة في سورية واليمن (تحريض الحوثيين) بعد تحريض المعارضة البحرينية على اللاعودة إلى الحوار، وترسيخ أقدام «حزب الله» في وحول الحروب السورية، فالواقع يقتضي الاعتراف بأن طهران باتت في موقع القوة من بغداد الى دمشق وبيروت وصنعاء… توسّع «محور الممانعة» تحسباً لفشل مفاوضات الملف النووي.

والأكثر دهاءً أن تبدو إيران في موقع المتفرج، فيما التحالف وعلى رأسه ما كان يوماً «شيطاناً أكبر» لديها، «ينظف» ساحتها الخلفية، العراق من ارتكابات أبو بكر البغدادي.

في عهد أوباما، بات «الحرس الثوري» على ضفاف المتوسط، ووسعت إيران دائرة نفوذها بين دجلة والفرات، ومددها الحوثيون الى البحر الأحمر. في عهد أوباما شنت إسرائيل أشرس حرب على الفلسطينيين في قطاع غزة، بررتها إدارته وغطتها فظائع الإرهاب في المنطقة العربية. وفي عهده أيضاً، وتحت غطاء إيراني – روسي أُبِيد في سورية مئتا ألف سوري خلال أقل من 4 سنوات.

نزع أوباما فتيل السلاح الكيماوي السوري حمايةً لإسرائيل، وفتكَ «داعش» بسوريين وعراقيين، ذبحاً وإعداماً وتشريداً… بعد «البطة العرجاء» هل يمكن العرب أن يأملوا برئيس أميركي جمهوري، لا يوسع طوق عواصم الخراب؟ الرئيس «الديموقراطي» الذي استمرأ التفرج على زلازل الدمار الشامل، ألم يمهد الأرض للصقور الذين ما زالوا يحلمون بالشرق الأوسط الجديد؟

الأكيد أن خوف أوباما من تفشي «إيبولا» لم ينجح في تحويل اهتمام الناخب الأميركي وقلقه من تفشي «داعش» في الولايات المتحدة. بهذا المعنى كان «الجهاديون» الناخب الأكبر.