في ساحة الكنيسة في الجية (قضاء الشوف)، تعلن اليوم اللائحتان اللتان تتنافسان في الانتخابات البلدية (15 عضواً). الأولى يرأسها رئيس البلدية الحالي جورج القزي، مدعومة من حركة أمل وحزب الله وتيار المستقبل، والثانية (غير مكتملة حتى مساء أمس)، يرأسها سامي القزي مدعومة من الحزب التقدمي الاشتراكي وعائلات وحزبيين معترضين على تشكيلة اللائحة الأولى.
في البلدة التي شملها تهجير المسيحيين عام 1985، يشكل الموارنة 69 في المئة من الناخبين، بحسب لوائح الشطب (معظمهم في أوستراليا و17 في المئة من المقيمين) في مقابل 17 في المئة شيعة، و13 في المئة سنّة. وتراعي اللائحتان التوزيع الطائفي المعتمد: الرئيس ماروني، وستة أعضاء مسيحيين وخمسة أعضاء شيعة (من بينهم نائب الرئيس)، وثلاثة من السنّة (إحصاء الناخبين: 650 ناخباً مسيحياً و600 شيعي و400 سني).
العرف الطائفي «المقدس» تقابله «خربطة» سياسية نموذجية وتركيب تحالفات استثنائية. البلدية الأولى في عام 1998 التي ترأسها «الريس» الحالي، كانت تشكيلة عائلات مدعومة من الاشتراكي. في دورة 2004، زاحم حضور حزب الله وأمل والمستقبل، النفوذ المطلق للاشتراكي. توزعوا على لائحتين: الأولى الفائزة برئاسة القزي نفسه، دعمها الاشتراكي وحزب الله والمستقبل، والثانية الخاسرة دعمتها أمل وعائلات متضررة.
في دورة 2010، التزم توافق الحزب والحركة لائحة قزي مع المستقبل، وانتفى دور الاشتراكي. أما في الدورة الحالية، فالمشهد ذاته يتكرر، أمل والحزب والمستقبل (حاضر من خلال العضو الدائم أحمد الكجك قريب مسؤول التيار في إقليم الخروب محمد الكجك). ومسيحياً، التزم العونيون والقوات اللبنانية الحياد، تاركين لمؤيديهم اختيار مرشحيهم. علماً بأن القزي الذي يصب لمصلحته 400 صوت، يؤيده بعض العونيين. الاشتراكي الذي غاب عن لائحة الرئيس الحالي، ظهر في لائحة سامي القزي من خلال مرشحه محمد أبو صالح، بعد أن رفض الكجك مشاركة الاشتراكي في اللائحة (يرجح أن يصوت لأبو صالح نحو 120 من مؤيدي الاشتراكي في الجية). أما الحصة السنية الثلاثية، فموزعة بين الكجك المستقبلي وممثل لآل الخطيب محسوب على النائب السابق زاهر الخطيب، وثالث مستقل. ووزعت حصّة الشيعة بين عضوين لأمل، وعضوين للحزب وخامس توافقي في لائحة الرئيس الحالي. بحسب مصادر مواكبة، فإن الخلافات الداخلية بين قاعدة أمل، جعلتها تحضر في اللائحتين. البعض مستاء من تكليف القيادة لأحمد الحاج مسؤولاً عن اللجنة الانتخابية، واقتراحه أسماء المرشحين من جهة، وممن وعد بتسميتهم في اللائحة الرسمية، ولم يحصل الالتزام معهم. خلافات أخرى سجلت بين الثنائي من جهة على منصب نائب الرئيس الذي كان من حصة أمل وانتقل إلى الحزب، وعلى العلاقة مع الاشتراكي. ففيما رفض الحزب دعمه، يروج بعض مناصري أمل دعم مرشحه أبو طايع. حتى الحزب لم «يزمط» من الخلافات. رمزه في الجية الطبيب كامل الحاج، الذي كان ممثله في البلدية منذ نشأتها عام 1998، ونائب الرئيس في الدورة الأخيرة، رفض المشاركة في لائحة واحدة مع القزي بسبب اتهامه له بـ«الفساد الإداري وسوء استغلال السلطة والتعامل مع البلدية كمؤسسة خاصة وليس رسمية» كما قال لـ«الأخبار». وبرغم قرار قيادته بدعم لائحة القزي، ذهب الحاج بعيداً ليؤلف لائحة المعارضة «لأن لا مجال للسكوت عن الفساد أكثر، وإذا سكتنا نسمح بفساد أكبر في الولاية المقبلة». فهل الحزب ساكت عن الفساد؟ يرفض الحاج إقحام الحزب في الأمر. يؤكد أنه سيبقى وعائلته «حزب الله دماً وروحاً وعقيدة». لكن «من حق أي مواطن ينتمي إلى الحزب اختيار من يراه مناسباً».
لا لافتات أو صور مرشحين تعكس حماوة المعركة في الجية، ولا ذكر لكارثة التلوث الناجمة عن معمل الجية الحراري وانتشار أمراض السرطان بين الأهالي بسببه، في مقاربة المرشحين لتجربتهم السابقة واللاحقة. وحدها المرشحة المستقلة عن اللائحتين بثينة عيسى (29 عاماً)، قدمت برنامجاً انتخابياً اشتمل على دور البلدية في الرقابة على المعمل للحدّ من التلوث. جوهر حملة لائحة الرئيس الحالي ترتكز على «إنجازات البلدية وتمثليها لأكبر العائلات ودعم القوى السياسية لها وبأن الريس هو الأقوى مسيحياً». فيما يعرض الحاج مكامن فساد، منها سوء إدارة الأشغال العامة والتمييز بين الناخبين والمقيمين في جباية الرسوم والتصرف بالأملاك العامة.