Site icon IMLebanon

الإرهاب الوظائفي

ستزداد وتيرة الهجمات الإرهابية المماثلة لما جرى في القاهرة والاسكندرية واستوكهولم، وستكثر وتنتشر.. وأينما أمكن ذلك!

هذا عبث دموي صاخب ومريض لكنه سياق مدروس وليس عشوائياً! وسياسي – أمني ممنهج بقدر ما هو «تعبير» عن أجندة أصولية يزعم أصحابها السعي إلى معاقبة «الكفّار» أو بناء الدولة الدينية، أو «الثأر» من «حاكم جائر»، أو التطلّع إلى ردّ جور وظلم.. إلخ.

هذا إرهاب وظائفي قبل أن يكون دينياً. وملتبس الارتباطات بقدر وضوح إجرامه وأدواته! عنوانه العام يقف الآن عند «داعش»، غير أن منابعه التشغيلية تمتد إلى عناوين وأجندات «رسمية» عدّة لكنها مُحكمة التواصل والمصالح والأهداف!

قيل سابقاً وسيُقال مراراً وتكراراً: هذا الإرهاب الراهن الداعشي العنوان، لم يفعل على مدى السنوات الثلاث الماضيات إلاّ محاولة ترسيخ فكرتين مركزيتين. الأولى وضع دمغ العدم بالإسلام الأكثري ونصوصه واجتهاداته. والثاني تقديم نفسه كـ«بديل» وحيد قاتم وأسود ومدمِّر وقروسطي، عن أنظمة فاشلة ومهدّدة بالانهيار مثل النظامين الحليفين لإيران في العراق وسوريا. عدا عن تقديمه ما يكفي من أردية وأغطية لتمويه حقائق مشاريع «كبرى» إيرانية في مكان، وروسية في مكان آخر!

لا تنكر هذه القراءة المنسلّة من جذر «المؤامرة» النقاش الآخر، الواسع والفضفاض والدائم والمتعب، القائل باشتمال النصّ الديني على ما يسمح بتأويله وأخذه إلى زاوية التبريرات والاستنتاجات الفاتكة بالآخر المختلف.. لكنها لا تغفل حقيقة موازية ماثلة وواضحة تفيد بغرابة ما يجري. وكيف أن النص شامل، لكن تبعات الإرهاب تطال جزءاً من أهله! وكيف أن منفّذيه لا يفتكون سوى بمجتمعاتهم وأهلهم! وكيف أن نتائجه لا تفيد سوى «أعدائهم» المفترضين وسياساتهم ومشاريعهم وأهدافهم!

ولا يمكن التغاضي في الحالة الراهنة عن ملاحظة الارتباط المباشر بين عودة الصخب الإرهابي واعتماد الصدم والترويع واستدراج أقصى الاهتمام الإعلامي من خلال الأهداف المنتقاة، وبين إشهار الإدارة الأميركية تغييراً (لا يزال يحبو!) في أجندتها الخارجية أكان من رئيس سوريا السابق بشار الأسد أو حُماتِه الروس والإيرانيين، والعودة إلى اعتماد سياسة مثلثة الأضلاع: محاربة الإرهاب، وضرب نفوذ إيران الخارجي، وإعادة النظر بالوكالة الاحادية الممنوحة للروس في سوريا.

كما لا يمكن إغفال التوقيت: هذه الشراسة الإرهابية الصادمة تأتي في عزّ التركيز على الجريمة السارينية في خان شيخون ومسؤولية الأسد وحماته عنها!

المطلوب عند مشغّلي هذا الإرهاب هو إبقاء البوصلة مركّزة في اتجاهه! وعدم الاستطراد بعيداً عن السياق الذي شهده العالم على مدى السنوات الثلاث الماضيات تحديداً! سوى أن مصر المحروسة، أقوى وأكبر من هذا العبث الإجرامي الإرهابي البغيض، ومن وظائفه وأهدافه!