IMLebanon

الشركات واليد العاملة معاً… على “المقصلة”

 

220 ألف وظيفة “تبخّرت” ونصف العمّال بنصف راتب

 

في الوقت الذي من المفترض أن تبدأ فيه الحكومة البحث عن معالجات جدّية للأزمة الإقتصادية، وفي خضمّ تعاظُم قلق المواطنين على مصيرهم في “غربتهم” الوطنية، وفي أوْج النقاش عن إمكانية التخلّف أو ضرورة دفع فاتورة الدين العام، وفي عزّ مرحلة تصدّع العمود الفقري للإقتصاد المتمثّل بالمصارف، تخبو نار البطالة المتعاظمة تحت رماد الأمل، التي ما إن تهبّ العاصفة حتى يتطاير الرماد وتشتعل النيران.

إستمارة من أربع صفحات حول واقع الوظائف والرواتب في 300 شركة في القطاع الخاص، أعدتها مؤسسة leaders club by Lebanon opportunities ونشرتها infopro للأبحات، كانت أكثر من كافية لمعرفة ما ينتظر اللبنانيين من فقدان للوظائف وإقفال للمؤسسات في الأشهر القليلة المقبلة.

 

فمنذ 17 تشرين الأول من العام الماضي ولغاية نهاية كانون الثاني من هذا العام، أي خلال فترة ثلاثة أشهر، فقَد لبنان 220 ألف وظيفة بشكل موقّت أو دائم. كما توقّفت 36 شركة من أصل 300 مدرجة في الدراسة عن العمل، بزيادة نسبتها 20 في المئة منذ أيلول العام 2019.

 

الدراسة الموضوعية تُظهر حدّة الأزمة مع بداية العام الحالي، حيث عمدت 33 في المئة من الشركات إلى صرف جزئي للعمال خلال كانون الثاني بالمقارنة مع 22 في المئة في شهر تشرين الأول من العام الماضي، فيما بلغت نسبة الشركات التي قامت بعملية صرف كلية للعمال حوالى 12 في المئة خلال كانون الثاني.

 

وفي الوقت الذي لم تتجاوز فيه نسبة الشركات التي خفّضت رواتب موظفيها المتبقّين الـ 34 في المئة في تشرين الأول الماضي وصلت النسبة إلى 51 في المئة مع نهاية كانون الثاني.

 

نصف العمال… ونصف الدخل

 

متوسط تخفيض الرواتب مع بداية هذا العام بلغ 52 في المئة، أي أن أكثر من نصف العمال خسروا نصف رواتبهم وقد تركّز الإقتطاع بشكل أساسي على تخفيض ساعات العمل وإلزام العمال بالإجازات.

 

أما على صعيد القطاعات فقد احتل قطاع الخدمات الصدارة بنسبة المسرّحين جزئياً أو كلياً في كانون الثاني من العام الحالي بمعدل 63 في المئة، تبعه قطاع التجارة بمعدل 60 في المئة ومن ثم الصناعة بمعدل 57 في المئة.

 

وعلى صعيد الرواتب فقد بلغ متوسط الإقتطاع من الرواتب في القطاع الصناعي والتجاري والخدماتي حوالى 45 في المئة و41 في المئة و42 في المئة على التوالي.

 

فاتورة التأخر عن تقديم الحلول، أدت في الكثير من الدول التي أصيبت بأزمات متشابهة إلى تجاوز نسبة البطالة بين مختلف الفئات العمرية الـ 40 في المئة، وهو ما دفع بالسلطات إلى إقفال حاويات القمامة للحدّ من مخاطر أكل المواطنين منها، وإصدار تشريعات لمنع رمي المأكولات في المتاجر وتوزيعها على العائلات المحتاجة. أما في حالة لبنان “فقد تجاوز عمر الأزمة المعلن الـ 6 أشهر وغير المعلن تخطى العامين، ولم يُتّخذ بعد أي إجراء. وما الأرقام التي تُنشر سوى تعبير مختصر عن المعاناة الفعلية التي تتزايد حدتها بوتيرة يومية”، يقول رئيس جمعية الشركات الصغيرة والمتوسطة نبيل رزق الله.

 

النتائج المدمّرة ستظهر مع بداية الفصل الثاني من العام الحالي “حيث من المتوقع أن يبلغ عدد المؤسسات المقفلة بشكل كلي في قطاعات التجارة والبيع بالتجزئة رقماً قياسياً لا يوازيه سوى نسبة المصروفين من العمل”، يضيف رزق الله. ويرى أن “استمرار تقييد الإجراءات المصرفية والعجز عن سحب الودائع وتحويل الأموال وفتح الإعتمادات وعدم القدرة على الإستيراد وغيرها من التدابير الضرورية للتجارة، لن يسمح إلا لقلّة قليلة من المؤسسات بالصمود”.

 

أوساط رجال الأعمال والتجار تشير إلى أن الصمود المصطنع لغاية اليوم ارتبط بأمل مخفي ووهمي بتشكيل الحكومة، وإمكانية اتخاذها إجراءات تحدّ من النزف الحاصل على مختلف الأصعدة، وهو ما لم يتحقق وسيدفع في القريب العاجل إلى إقفالات بالجملة.

 

المشكلة بحسب رجل الأعمال مارون شراباتي تتلخّص في “اعتقاد المسؤولين عن السياسات المالية والنقدية ان القطاع الخاص سينظّم نفسه بنفسه. في حين أن المطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى، تنظيم وتوجيه واضح من قبل الدولة”. ويُشدّد شراباتي على أن “عودة الإستقرار للقطاع الخاص لن تتمّ إلا من خلال وضع خطة عمل وطنية وتحديد واضح للأهداف، من أجل تنمية الإقتصاد وتنظيم القطاعات والخروج برؤية واضحة لمسار الحلول… وإلا فإن المضاربات قائمة والنقص الفاضح بالإستيراد من الخارج مستمر والفوضى ماشية، وخصوصاً أن كل وزير في هذه الحكومة يغنّي على مواله، من دون الإلتفات الجدّي لمشاكل وهموم المواطن وقطاعات الإنتاج”.