Site icon IMLebanon

بوتين رجال وبايدن مش …!  

 

 

لم يكن الهجوم الروسي على اوكرانيا مفاجئا الا للسذج، فمن يعرف الرئيس فلاديمير بوتين، ومن يعرف الرئيس الاميركي جو بايدن، كان يعلم ان روسيا لن تسكت على الغزو الغربي لشرق اوروبا.،

 

منذ سقوط الاتحاد السوفياتي وروسيا تصبر على صلف حلف شمالي الاطلسي الناتو، وتراقب بألم تمدد الناتو الى دول تعتبر الحديقة الخلفية لموسكو، ويشكل انتقالها الى المعسكر الغربي تهديدا مباشرا للامن القومي الروسي.،

 

روسيا اليوم في موقف دفاعي.، ونحن لا نبرر لاي دولة في العالم ان تغزو دولة مجاورة، ولكن هكذا هي السياسة الدولية، وهكذا تتصرف الدول العظمى في المواقف الخطيرة، فتلجأ للقوة من أجل حماية شعوبها ومصالحها وامنها.،

 

حاول بوتين حماية بلده بالديبلوماسية اذ طالب الولايات المتحدة والحلف الاطلسي بان لا يضم اوكرانيا، وطالب بضمانات امنية تتلخص بعدم نشر اسلحة استراتيجية على حدود بلاده.، رفض الغرب، فقرر بوتين الخيار العسكري من دون تردد.،. لانه رجل رجل.

 

الصراع على النفوذ في اوروبا الشرقية بدأ لحظة انهيار جدار برلين، ونالت جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق استقلالها، الواحدة تلو الاخرى، وهذا حق طبيعي لها، ولم تعارض موسكو الامر أبدا، حتى انها لم تمانع كثيرا انضمام بعض تلك الجمهوريات الى حلف شمالي الاطلسي.، واستغل الاميركيون والاوروبيون هذا التساهل للتمدد اكثر، وقدموا اغراءات لجمهوريات أخرى ومنها اوكرانيا، من اجل حشر روسيا.،وهكذا وصل الهجوم الاطلسي الى الحدود الروسية، فكان لا بد من وقفة صارمة، وقد فعلها بوتين لانه رجل صلب وشجاع.

 

في الجهة المقابلة وقف بايدن الضعيف، يهدد ويتوعد بالعقوبات الموجعة اذا حصل الغزو، فضحك بوتين في سره، لانه يعلم ان العقوبات لا تجيع من يتعرض لها ولا تطعم خبزا سياسيا لمن يفرضها.، لقد جربتها روسيا نفسها، ومع اوكرانيا بالذات، في ازمة سابقة مع الغرب، يوم ضمت  شبه جزيرة القرم في العام 2014، وكانت النتيجة صفرا للغرب الذي لم يتعلم الدرس، وتابع تحريضه لاوكرانيا لتحويلها الى دولة معادية لجوارها ومحيطها.

 

بوتين الرجل الرجل يقول اليوم كفى.،

 

تجربة اوكرانيا يجب ان تكون درسا لدول كثيرة في هذا العالم، فهذه الدولة تحدّت الجار الاقوى متكلة على وعود كاذبة لتصحو على مأساة، ليخرج رئيسها زيلنسكي معترفا بالخطأ اذ قال : لقد تركونا وحدنا.،

 

قبلها كانت افغانستان، وكلنا نذكر الانسحاب المذل للقوات الاميركية والاطلسية من هذا البلد، والذي لم يكن ابن ساعته، بل نتيجة لتراكم اخطاء اميركية واطلسية في ادارة الصراع هناك. لقد كانت الولايات المتحدة تدعم حكومة اشرف عبد الغني وتقاتل الى جانبه حركة طالبان، ولكنها في الوقت نفسه وجهت له طعنة قاتلة في الظهر عندما فاوضت الحركة، وعقدت معها اتفاق الدوحة عام 2020، من اجل ضمان انسحاب آمن لقواتها، وهذا ما لم يحصل،  تاركة الحكومة والشعب في افغانستان لمصيرهما.،

 

اما في بلادنا فالدرس الاهم هو من سوريا الذي ثار شعبها على النظام المجرم، ولم ينل من الاميركيين وغيرهم،سوى مواقف الإدانة اللفظية والعقوبات غير المجدية.، وقد تفرج الاميركيون على الشعب السوري يذبح ويقتل ويهجر، وعلى سوريا تُدَمّر، وخصوصا مع التدخل الايراني اولا ثم التدخل الروسي، وحتى عندما قررت ادارة اوباما توجيه ضربة عسكرية في سوريا بعد استخدام الاسد السلاح الكيماوي ضد شعبه، ماطلت وراوغت، وانتهى الامر بعقد تسويات تحت الطاولة وفوقها، انقذت النظام من السقوط.،

 

لقد حشد اوباما اساطيله وهدد وتوعد بضرب النظام وبـ»ليلة ما فيها ضو قمر «، تراجع ومهد الطريق للتدخل الروسي.، هذا التدخل الذي نعارضه ونستنكره بشدة، بقدر ما نستنكر التخاذل الاميركي، كان وارءه رجل رجل اسمه بوتين.

 

هذه التجارب كلها دروس للمستقبل، فالمصالح تأتي اولا، والعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة واوروبا اليوم مختلفة عن حقبة الحرب الباردة.، لقد كان الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي سياسيا واقتصاديا وعقائديا، اما اليوم فهو تنافس تجاري بين شركاء.، ولنذكر فقط ان روسيا هي من اهم حاملي السندات الاميركية، وكذلك الصين، وهذا يعني انهما يساهمان في تمويل الاقتصاد الاميركي.، واذا كان المعسكران امتنعا ايام الحرب الباردة عن المواجهة العسكرية المباشرة بينهما، علما ان الصراع كان ايديولوجيا وقتها، واكتفيا بالقتال بواسطة الآخرين، فكيف سيكون الحال اليوم وهم شركاء في البزنس.،

 

بعد الحرب في اوكرانيا والانسحاب من افغانستان والموقف الاميركي الرخو، لا نستبعد ان تحذو الصين حذو روسيا، وتضم تايوان ايضا، فجل ما سيفعله بايدن «النعسان» هو الادانة والتهديد بالعقوبات.

 

هذا درس لنا نحن العرب : لا يمكن الاتكال على الولايات المتحدة الاميركية من اجل حماية مصالحنا العربية،فاميركا حليفة اسرائيل وتقدم مصالحها على كل الاعتبارات، ولا تمانع ابادة الشعب الفلسطيني وقتل شعوب عربية كثيرة من اجل امن اسرائيل.،

 

واميركا شريكة مع ايران ومتواطئة معها في استهداف العرب وتهميشهم، وتجربة الاتفاق النووي الاول، ثم الاتفاق النووي المزمع انجازه خلال ايام، دليل على ذلك، فهو سيمنح ايران بشكل فوري مئة مليار دولار ستنفق الكثير منها على اذرعها لتخريب بلاد العرب.

 

لا يمكن الاتكال على اميركا ابدا، وحسنا فعلت دول عربية كثيرة، وابرزها في الخليج، في الانفتاح والتواصل مع روسيا، وكذلك الصين.،فاذا اردت ان تراهن فراهن على الحصان الرابح، وهو في عالم اليوم بوتين القوي والشجاع، بوتين الرجل الرجل.