في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأميركي يُعلن أنّ القوّات الأميركيّة ستقوم بالدّفاع عن تايوان في حال تعرّضها لهجوم صيني، كان الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين يعلن التعبئة ويلوّح باستخدام النووي ويعمل فعليّاً عبر استفتاءات شعبيّة على ضمّ أراضٍ أوكرانيّة إلى دولته، الطّريف في موقف بايدن أنّ الصحافيّين طلبوا منه توضيح ما إذا كان يقصد أنّه على عكس الوضع في أوكرانيا ستقوم القوّات الأميركيّة بالدّفاع عن تايوان في حال حدوث غزو صيني؟ أجاب بايدن: نعم”، وإذا كان اتّكال تايوان على بايدن فمصيرها الغرق في المحيط الهادي، وهذا أسوأ من مصير أوكرانيا التي صدّقت وعود بايدن وأوروبا التي حولتها لبلاد محروقة!!
حلّ الخريف على أوروبا التي ترتعد قلقاً من فقدانهما إمدادات الغاز الرّوسي ومن فقدانها الأمن الغذائي ومع هذا تشعرك رئيسة المفوضية الأوروبيّة أنّها تعيش حالة انفصال عن الواقع الأوروبي عندما تطلق العنان لخيالها وهي تتحدّث معلنة أنّها”سنبقي على العقوبات ضد روسيا فهذا وقت الحزم وليس المهادنة”، كان الله في عون المواطنين الأوروبيّين على هكذا مسؤولين عديمين “يا محلا المسؤولين اللي عنا” عن جماعة أوروبا الذين قرروا معاقبة روسيا فحلّت بهم كوارث ما أقرّوا، في وقت تبدو الأمور فيه ذاهبة باتجاه الكابوس الأوسوأ بالنسبة لأوروبا التي تعصف بها ذاكرة تشيرنوبل والأزرار التي يهدّد بوتين بالضغط عليه، فهل تُدرك أوروبا أنّها حمقاء استخدمتها الولايات المتحدّة الأميركية وألقتها في جحيم أوكرانيا الذي سيستمر طويلاً ؟
على عتبة خريف العام 2022 تغيّرت كلّ الأفكار التي تمّ تداولها في شباط الماضي مع بدء الدّخول الرّوسي إلى الأراضي الأوكرانيّة في شباط العام الجاري كان كل الكلام يتمحور حول حسم بوتين وجيشه الحرب وعن سقوط كييف العاصمة؟ كان العدّ بالأيام ثمّ صار بالأسابيع ثمّ بالأشهر واليوم دخلنا مرحلة شديدة الخطورة فالحديث عن إعلان التعبئة يعني فتح وقت الحرب وتطويل أيّامها خصوصاً وأنّ كلّ أسلحة الدعم الفتّاكة والصاروخيّة من الولايات المتحدة الأميركيّة ودول الاتحاد الأوروبي لم تفعل شيئاً أمام التقدّم الرّوسي!
العالم كلّه في مكان، ولبنان في مكان آخر بالرّغم من المخاوف التي تحيط بأمنه الغذائي ليس هناك من يسأل أو يكترث على جري العادة، بالرّغم من الأجواء الدوليّة الحالكة بالأمس تفاجأنا أنّ المسؤولين اللبنانيّين لا يزالون يطالبون الدول العربيّة وبوقاحة أن يقفوا إلى جانب لبنان فيما هم أنفسهم يسارعون إلى مطالبة نفس الدّول بضرورة فهم وضع لبنان في كلّ مرّة يلعن فيها حزب الله “سنسفيل” الدّول العربيّة من أجل إيران، في وقت يتحضّر فيه أغلبيّة الشّعب اللبناني لإطلاق الاحتفالات منتصف ليل 31 تشرين الأوّل إلى حدّ جعل البعض بتحويله إلى ليلة رأس السنة بدلاً عن 31 كانون الأوّل قمّة السخرية هذه تؤكّد قمّة المرارة التي بلغها الشّعب اللبناني والتي ستتحوّل إلى حال ابتهاج عام بنهاية عهد مشؤوم يتخوّف البعض أن لا يمرّ ما تبقّى من أيامه من دون كوارث لكثرة الشؤم والخراب الذي عمّ البلاد على أيّامه!