كان في التقدير انه لم يعد، في هذه الأزمنة، ما يذهلنا. ذلك ان جيلنا عاصر من الحروب ابشعها. ومن الكوارث، الطبيعية وشغل الانسان، أبعدها ضرراً وايلاماً. ومن الايام اكثرها رداءةً. ومن البشر أوغلهم في الدماء والشر (…). الى أن طلع علينا جو بايدن، هذا الرئيس الأميركي التافه، بقوله أمس في فلسطين المحتلة هذه العبارة التي كتبوها له ليقرأها خلال اجتماعه والسفّاح الصهيوني بنيامين نتانياهو: «يبدو لي ان واقعة المستشفى في غزه من عمل الفريق الثاني»! هكذا ببساطة مذهلة فعلاً أمام هول هذه الجريمة المروّعة التي ارتكبها، هو و «فريقه الأوّل» في المستشفى المعمداني في غزه الصابرة على الظلم، الصامدة في وجه الطغيان، التي يصنع ابناؤها من الضعف قوةً… طبعا الضعف في الامكانات والوسائل وليس في العزيمة والبأس .
اذاً، لقد بدا له! هذا ما قاله بايدن بالصوت المرتجف. وكم يطرح السؤال ذاته: كيف بدا له وهو الذي يجب ان يرشده مساعدٌ ومرافق، ليعرف ان يميّز، في البيت الأبيض، بين المسلك الى غرفة النوم والممر الى قاعة الطعام .
من اين حلّت عليه هذه المعرفة المفاجئة ولا يزال في الذاكرة مشهد ايمانويل ماكرون يقوده الى حيث يجب ان يقف؟!.
كيف امتلك سرّ المعرفة وهو لا يعرف ما اذا كان في لندن او في جوهانسبورغ؟
وبعد، كيف يتسرّع في ان يُصدر هكذا أحكاماً في هكذا مسألة حسّاسة ودقيقة وهو يمثل شعباً عظيما محبِّاً السلام ولكنه ابتُلي بأمثاله من الحكّام ؟!
ثم، ايها «الأميركي البشع»، لم نكن في حاجة الى كلامك المنافق، عندما وصفت اهالي غزة بـ «الفريق الثاني» لنعرف ما ندركه بداهة انك والسفاح الصهيوني فريق واحد.
اننا نعرف ان مواقع القرار في الولايات المتحدة الأميركية وفي الغرب الأوروبي عموما قد دارت ظهرها الى القيَم الانسانية كلياً، ولم تعد معنية بشعائر الدين ومبادئ الأخلاق، لذلك كثيراً (ان لم يكن دائماً) ما نراها تشدّ ازر الظالم ضدّ المظلوم، وتعاضد المعتدي على المعتدى عليه، وتبحث عن المبرّرات لفعل العدوان، لذلك لا تفاجئنا المواقف الأميركو – أوروبية من العدوان الوحشي على غزة، وقد أعتدنا المواقف المماثلة في الصراع المزمن بين بلدانٍ عربية والاحتلال الصهيوني، ولنا خير شاهد على تلك المواقف الجائرة ما عانينا من تداعياتها في لبنان، ولا نزال نعاني.
ونود ان نختم أخيراً وليس اخراً، ونحن نوجه أسمى ايات الحب الى شعب غزة الصابر الصامد والتضامن معه، لنقول ان أقلّ ما يمكن ان يُقال في موقف جو بايدن انه عارٌ عليه واساءةٌ الى الشعب الأميركي قبل ان يكون محطةُ في هذه المؤامرة الخبيثة على شعب غزة المظلوم.