على الرغم من الإدانة الدولية لها، زادت عمليات بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة بنسبة ٣ بالمئة خلال العام الماضي. كما أنها استمرت بالتوازي مع مواصلة العدو الإسرائيلي عدوانه على غزة والضفة الغربية. من أبرز تداعيات بناء المستوطنات في الضفة الغربية كانت الإعتداءات اليومية الحاصلة على الفلسطينيين من قبل المستوطنين، ما دفع الدول الى تشديد الإدانة، خصوصاً بعد صدور قرار بالعقوبات من بريطانيا بحق ٤ مستوطنين. وفي هذا المجال، يشير عميد الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ ورئيس مؤسسة “جوستيسيا” في بيروت المحامي الدكتور بول مرقص، إلى “قرارات دولية، منها لمجلس الأمن الدولي وأخرى للجمعية العامة لدى الأمم المتحدة، والتي تدين على مدى ٧٠ سنة بناء المستوطنات خصوصاً في السنين الـ ٢٠ الأخيرة، منها قرار مجلس الأمن رقم ٢٣٣٤ لعام ٢٠١٦ حيث أكد ان جميع المستوطنات التي نشأت منذ ١٩٦٧ ليست لها أي شرعية قانونية وطالب تل ابيب بوقف فوري لجميع الأنشطة الاستيطانية، بالإضافة الى قرارات الجمعية العامة رقم ٢٢٣/٥١ آذار ١٩٩٧ حيث أدانت إنشاء أي مستوطنات جديدة لكونها تنتهك القانون الدولي”. وأوضح مرقص أن “مواقف العديد من الدول الغربية تغيّرت نتيجة استمرار إسرائيل ببناء المستوطنات خلافاً للقانون الدولي ومنعاً للسلام الذي من الممكن ان يحل بين الدولتين مع الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة السيادة، وإن كانت الأخيرة منزوعة السلاح”.
وفي حديثٍ لـ “الديار”، يولي العميد مرقص أهمية خاصة لموضوع المستوطنات، مشيراً إلى أنه “ضاهى بأولويته موضوع استمرار الحرب إثر أحداث ٧ أكتوبر، فإن تحقيق السلام أصبح أكثر إلحاحاً خاصة بالنسبة للإدارة الأميركية التي ستغيِّر موقفها اليوم، وهو، كما لوحظ في الأسابيع القليلة الماضية، جنح باتجاه إدانة الأعمال الإسرائيلية الحربية”.
بالتالي، يشدِّد مرقص على “أهمية الإدانة الأميركية، حيث من المفترض أن يتعاظم الموقف مع اقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية من دون أن يؤثر ذلك على موضوع الأمن القومي الإسرائيلي، وهو موقف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية، حيث أن الهدف من هذا الموقف، ومع اقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية، هو أن يكسب الرئيس جو بايدن المزيد من الأصوات المسلمة والعربية والأفارقة والمهاجرين عموماً، والذين استاؤوا من موقفه الداعم لإسرائيل على نحو مطلق كما كان عليه الأمر في الأسابيع الأولى من حرب ٧ تشرين الثاني الماضي”.
وعليه، يكشف مرقص، عن أن هناك ” نقاشا في واشنطن في الأيام القليلة الماضية، والسؤال المطروح يدور حول إمكانية استعادة الرئيس بايدن الأصوات التي خسرها نتيجة دعمه المطلق لإسرائيل في بداية الحرب على غزة، هو بحاجة عملياً إلى نحو سنة من الآن لاكتساب هذه الأصوات مجدداً، علماً أنه لا يملك هذا الوقت”. وأضاف في هذا السياق، أن “إدارة الرئيس تدرس إعادة العمل بوثيقة هانسل الصادرة عن إدارة كارتر عام ١٩٧٨، والتي أكدت وجود تناقض بين القانون الدولي ومشروع الإستيطان، مع حديث عن اتجاه إسرائيل لإقامة مستوطنات إضافية في غزة”.
ويشدِّد مرقص، على “خطورة استمرار الإستيطان وحتى بقاء بعض المستوطنات على الأطراف التي تعتبر نزاعية جداً في المدى الجغرافي الذي قامت عليه”، لافتاً إلى أن “المستوطنات هي أمكنة استيطانية غريبة عن الجغرافيا والبيئة البشرية التي أقيمت فيها، وبالتالي، هي موضوع إدانة وشجب، خصوصاً وأن القانون الدولي لا يعترف بموضوع المستوطنات ولا يجيز اقامة أي مستوطنات على أراضي الغير كونها مخالفة بطبيعتها للقانون الدولي والقرارات الأممية وقرارات مجلس الأمن”.