Site icon IMLebanon

أولويات حكّام لبنان في زمن الإنتقال من ترامب إلى بايدن

 

تتوالى القنابل الدخانية، تُطلقها مواسير المجموعة الحاكمة، تغطيةً لرفضها الإنخراط الفعلي في إيجاد الحلول للأزمات المتراكمة التي يعانيها اللبنانيون.

 

أوّل ما ينتظره المواطن اللبناني، ومعه الرئيس الفرنسي والدول المانحة ومجلس الأمن الدولي، الإنتهاء من تشكيل حكومة اختصاصيين، موثوقة، تتولّى تنفيذ برنامج إنقاذي، وتستعيد ثقة العالم والدول العربية، فتعيدُ إيقاف البلد على رجليه، وتُطلق مُجدّداً عجلة النمو الإقتصادي والتصحيح المالي، وما يتّصل بهما من إطلاق يد القضاء وتعزيز الحريات وإنفاذ القوانين.

 

هذه الخطوة المباركة في توليد حكومة المهمّة الواضحة، هي الوحيدة المطلوبة والملحّة الآن وفي هذه اللحظة. الّا أنّ كلّ ممارسات الأقطاب المُمسكين بالسلطة تسير في الإتجاه المعاكس، وهذا هو الهدف من قنابلها الدخانية.

 

فعلى ضِفاف مسيرة التشكيل الحكومي، اندلعت فجأة سلسلة معارك كبرى لا يفهم المواطن (الموظّف أو العاطل عن العمل أو المغترب، أو من هو في طريقه الى الهجرة، الطالب في الداخل أو في الخارج، المودِعْ، المتقاعد، المريض… والمُهدّد بـ”كورونا”)، لا يفهم ضرورتها أو معناها، أو المغزى من تحريكها في هذا التوقيت بالذات.

 

لماذا مثلاً الإستفاقة الآن على بحث قانون جديد للإنتخاب؟ ولماذا الممانعة في التدقيق في كيفية صرف أموال المودعين بقرارات حكومية وتسهيلات من البنك المركزي، وأين ذهبت تلك الأموال؟؟ ولماذا يتحوّل الوزير من مواطن “على قدّ حاله” مليارديراً بعد شهور أو سنوات من “الخدمة العامة…؟”.

 

جرى تحويل الحاجة الملحّة الى حكومة إنقاذية بنداً أخيراً في جدولِ أعمال المُمسكين بخناق اللبنانيين. لا تفجير المرفأ وتهديم نصف العاصمة وقتل وجرح الألوف من سكّانها غيَّر في سلوكهم، ولا التفاعل الإنساني الدولي منع بيعهم للمساعدات، ولا التحرّك الفرنسي هزَّ مشاعرهم… ثم تقرأ تحليلاً، تدعمه خطابات الإلتزام بشعارات مِحور الممانعة، فتخلص إلى أنّ ما يجري ليس مجّانياً ولا بريئاً. فكلّ مناطق النفوذ الإيراني في المشرق العربي هادنت الأميركيين والغرب لاعتقادها أنّ “ترامب راجع”، فكان تكليف سعد الحريري ومفاوضات الترسيم مع العدوّ في لبنان، واشتداد الحديث عن تسوية في اليمن، ومؤتمر لعودة اللاجئين في سوريا مترافق مع تنشيط عمل اللجنة الدستورية، وزيارة لقائد “فيلق القدس” الى العراق طالباً التهدئة في مواجهة القوات الأميركية… ثم فاز جو بايدن فجمدت المسارات كافة، وتمّ الإنتقال الى “حالة الكباش” مع الإدارة قيد الولادة، لإمتحان السلوك الذي ستنتهجه… تجاه إيران.

 

فجأة، بدأ حديث عن تعثّر مفاوضات الترسيم، وصارت الحكومة تحتاج أعجوبة لتظهر الى العلن، وتحرّك الحوثيون فقصفوا منطقة جدّة السعودية، وعادت فصائل الحشد الإيراني في العراق الى المطالبة بإخراج الأميركيين، وظهر أنّ قيادة “القاعدة” تقيم سعيدة في ضواحي طهران…

 

يطول الحديث في هذه الخريطة الإقليمية، لكنّ الخلاصة كما يبدو، أنّ لبنان باقٍ رهينةً حتى انبلاج نور الرضى الإيراني على بايدن وسياساته. وحتّى ذلك اليوم الأغرّ، سيواصل اللبنانيون الغرق صحّةً ومعيشة وفقراً، من دون حكومة أو قانون، وسيستمرّ وكلاء الممانعة في تعبئة الفراغ بمشاريع تزيد الإحتقان في الحُفَرْ الطائفية، وبحديث لا ينتهي عن مكافحة الفساد والفاسدين…